لقد شغف الإنسان بعلم الفلك منذ القدم، فمتعة اكتشاف الفضاء لا تضاهيها متعة. إن اختراع التلسكوب عام 1608 من طرف الهولندي ”هانز ليبرشي” لخير دليل على محاولة صنع معدات للمراقبة والغوص في أعماق الكون السحيق، إن عدم توفر قدماء الفلكيين على أدوات لدراسة الفضاء لا يعني تجاهلهم للأحداث التي تجري في السماء، سنعود معا إلى 1006 تاريخ انفجار سوبرنوفا ‘المستعر الأعظم’ SN 1006 أي قبل أكثر من ألف سنة، فندرة الوثائق العلمية حول هذا الحدث النجمي، دفع علماء الفلك اليوم إلى دراسته والبحث في الأرشيف لعلهم يجدون عند السلف ما يشبع فضولهم. وبالفعل توصلوا إلى الدليل الشافي في كتاب العالم الفيلسوف إبن سينا تحت عنوان “كتاب الشفاء” الذي تطرق للفيزياء وعلم الأرصاد الجوية وخصوصا علم الفلك.
كشفت ثلاثة أبحاث ألمانية عن دليل جديد على مشاهدة العالم ابن سينا لسوبرنوفا SN 1006 الدراسة تنضاف إلى سجل الدراسات السابقة حول العالم. عمل على الورقة البحثية كل من Kunitzsch و Ehrig-Eggert و Neuhaeuser ونشرت على الدورية الألمانية: الأخبار الفلكية في الثامن من أبريل المنصرم، عمل الباحثون الثلاثة على ترجمة نص دراسة العالم ابن سينا ووصفها بتفصيل وتأريخها ومراجعة مدى صحة المعلومات المسجلة قديما. لقد أكدوا على أن الاطلاع على هذا النص لم يكن للمرة الأولى، لأنه جذب انتباه العديد من الباحثين من قبل لوصفه سطوع ولمعان شيء في السماء، فالتركيز كان مقتصرا أنذاك على المذنب، فتغيير أهداف البحث يولد أفكارا جديدة و لامعة تشبه لمعان سوبرنوفا SN 1006، انشغل بوصفه العديد من الأشخاص حول العالم، في المغرب واليابان واليمن والصين، لكن كل هذه التدوينات لم تتطرق لتغير الألوان.
وصف ابن سينا ‘ظهور كوكب لمع لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك بدأ لونه يميل للسواد والخضرة، ويرمي بشرر إلى أن أصبح أبيضا متلألئا ثم اختفى واضمحل’ كما يصف النص في كتاب الشفاء أسفله:
يعتقد معظم علماء الفلك الحديث أن SN 1006 لم يكن سوبرنوفا (الذي حدث عند التقاط نجم أبيض قزم مادة فائضة من نجم اخر مما يؤدي إلى الإنفجار) لكن هو نتيجة لاصطدام نجمين من الأقزام البيضاء، إنها المعلومات الجديدة التي أهداها لنا زمن فلكي قديم لمساعدتنا على فهم هذا الحدث النجمي الذي وقع قبل الاف السنين.و في النهاية يظل السؤال المطروح حول عبقرية العالم الشهير ابن سينا، الذي سطع نجمه في سماء العديد من العلوم من الطب إلى الفيزياء والكيمياء وعلم الفلك والفلسفة، إنه حقا موسوعة يقتدى بها، فعصر العلم بحق هو عصره لتغلبه على العقبات وتخصصه في كسب مختلف العلوم، فهو يؤكد على أن الطريقة المثلى في ما توصل إليه من اكتشافات واستنباطات وتفسيرات، كانت نابعة من سفره الطويل واعتكافه على القراءة للإلمام بما دونه من سبقوه.
المرجع: الدورية الألمانية الأخبار الفلكية
الكاتب: