image_pdfimage_print

لطالما تساءل أسلافنا عن ماهية النقاط البيضاء المتلألئة في السماء ليلا. ووسط سيل من الأجوبة الخرافية، سطع جواب علمي مفاده أن النقاط البيضاء تلك، ما هي إلا أجرام سماوية ضخمة ملتهبة مكونة من غازات كـ”الهيدروجين” و“الهيليوم” بنسب مرتفعة بالمقارنة مع الغازات الأخرى كـ”الكربون” و “الأوكسجين”. كما أنها مضيئة بفعل الاندماج النووي داخلها.

والغريب في الأمر أن هذه الأجرام السماوية “النجوم” تبعد عن كوكب الأرض بسنوات ضوئية، وأقربها وهي الشمس تبعد عنه بحوالي 8 دقائق ضوئية، ما يعادل 150000000 كم. بالإضافة إلى أن درجة حرارة سطح نجمنا المضيء تبلغ حوالي 5600 درجة حرارية، إننا نعرف هذه المعطيات رغم  لا أحد ذهب قط في رحلة إلى الشمس لدراستها.

فكيف تمكن العلماء إذن من دراسة النجوم عموما، ومعرفة مما يتكون سطح نجم مجموعتنا الشمسية بالخصوص؟

قبل التطرق للتقنية المستخدمة لدراسة النجوم، لا بد من التعرف على بعض خصائص الذرة.

حسب نموذج “بوهر” للذرة، فهي تتكون من نواة ذات شحنة موجبة، تحيط بها سحابة إلكترونية تحمل شحنة سالبة، تتوزع حسب درجات معينة للطاقة، فكلما اقتربنا من نواة الذرة قلت هذه الطاقة. ويمكن للإلكترون أن ينتقل من درجة طاقية قريبة من النواة إلى درجة أخرى أبعد إن اكتسب قدرا معينا من الطاقة الضوئية.

الصورة الماثلة أمامنا توضح مثال اكتساب إلكترون القدر الطاقي المحدد الذي يمكنه من الانتقال من درجة طاقية ضعيفة إلى درجة طاقية أعلى.

نرجع بالزمن إلى تجربة “إسحاق نيوتن” سنة 1665، حيث قام بتمرير شعاع ضوئي مصدره الشمس في موشور من الزجاج، و تمثلت النتيجة في تبدد الضوء الأبيض إلى ألوان الطيف.

اكتشف العلماء سنوات بعد تجربة “نيوتن” باستخدام جهاز المطياف (وهو جهاز يلعب دور موشور الزجاج بدرجة أكثر دقة) أن الضوء القادم من الشمس يحمل أشرطة سوداء مجهولة المصدر بالإضافة إلى ألوان الطيف.

بدمج كل من الكيمياء والفيزياء وعلم الفلك استطاع العلماء تفسير الأشرطة السوداء على أنها موجات ضوئية مفقودة امتصتها ذرات معينة موجودة على سطح الشمس لتسمح لإلكتروناتها كل على حدة بالانتقال من مستوى ضعيف للطاقة إلى آخر أعلى.

إن لكل ذرة بصمتها الخاصة، فبانتقال الإلكترونات من درجة طاقية عالية إلى أخرى أدنى، تفقد الذرة قدرا معينا من الطاقة على شكل موجات ضوئية محددة.

الموجات الضوئية التي فقدتها الذرة في حالة انتقال الإلكترونات من مستوى عالٍ للطاقة إلى مستوى أدنى هي نفسها التي تمتصها الذرة في حالة انتقال الإلكترونات من درجة طاقية ضعيفة إلى أخرى أعلى.

بمقارنة الموجات الضوئية المفقودة من طيف الشمس مع تلك التي يتم البرهنة عليها في المختبرات، يكشف العلماء عن المكونات الأساسية لسطح الشمس، وتسمى هذه التقنية بالتحليل الطيفي الفلكي.

“الهيدروجين” مثلا يمتص الموجات الضوئية الموضحة في الصورة أسفله:

عندما يلاحظ العلماء غياب هذه الموجات الضوئية بالتحديد من طيف النجم، يستنتجون أن سطحه يتكون من “الهيدروجين”.

باستغلال الضوء القادم من مختلف أرجاء الكون، نتمكن من دراسة الكواكب والنجوم والمجرات القريبة وكذا تلك التي تبعد عنا بملايين السنوات الضوئية.

قال عالم الفلك “كارل ساغان” :”التحليل الطيفي الفلكي تقنية سحرية ما زالت تذهلني”

المراجع:

1 2 3


الكاتب: وصال أبومجد