image_pdfimage_print

   رأينا في المقال السابق أن كل معدن يستعمل في المصباح الكهربائي المكون للسليك، لا بد أن يسخن جيدا (2200 درجة سيلسيوس) لكي يصبح الضوء الناتج عنه مرئيا. لكن غالبية المعادن عادة ما تذوب قبل الوصول إلى هذه الدرجة، لهذا يتم صنع سليك المصابيح الكهربائية من معدن “التنغستن” الذي يتميز بدرجة حرارة انصهارية جد عالية.

   لكن التنغستن قد يحترق أيضا إذا تم تعريضه لدرجة حرارة عالية و كانت ظروف الاحتراق ملائمة. نعرف جيدا أن الاحتراق ينتج عن تفاعل بين مادتين كيميائيتين، و التي تبدأ مباشرة عندما تصل درجة حرارة إحدى هاتين المادتين درجة حرارة احتراقها. فعلى الأرض، عادة ما يكون الاحتراق بين الأوكسجين و بعض المعادن المشتعلة. لكن مجموعات أخرى من المواد الكيميائية قابلة للاحتراق أيضا.

Step_1

   يتواجد السليك في الحبابة، و هي خالية تماما من الأوكسجين الذي يؤدي إلى احتراق التنغستن عندما تصل حرارة هذا الأخير أقصاها، لهذا يتم امتصاص الهواء الموجود في الحبابة فتصبح فارغة، و بالتالي لا يحترق معدن التنغستن .

   لكن و مع كل هذه الاحتياطات، هناك مشكل آخر هو تبخر ذرات التنغستن مما يؤدي إلى ضياعه، ففي درجة حرارة عالية تهتز الذرات المكونة لمعدن التنغستن لتُفصل عنه و تطير في الفراغ و تتجمع و فق خط مستقيم داخل الحبابة، و كلما زاد عدد هذه الذرات الحرة صارت الحبابة أكثر سوادا (عندما يُنظر إليها من الخارج)، مما ينقص من حياة المصباح بشكل ملحوظ.

   و لحل هذا المشكل، يتم ملء المصابيح الحديثة بغاز خامل مثل “الآرغون” الذي يعتبر جد فعال للحفاظ على معدن التنغستن، فعندما تهتز ذرات التنغستن و تنفصل عن المعدن فإنها ترتطم بذرات الآرغون، و من ثم ترجع إلى السليك (التنغستن) لأن الغاز الخامل لا يتفاعل مع أي عنصر آخر باعتباره فاقدا للنشاط الكيميائي، ما يعني أن احتراق أي معدن أو حصول أي تفاعل بين المكونات و الآرغون أمر بعيد الاحتمال.

   لقد أثبتت المصابيح الكهربائية فعاليتها في الإضاءة إلى جانب كلفتها المعقولة، و لا تزال هي الطريقة المستعملة لإنارة الأرض بعد غروب الشمس. لكن مع تقدم التكنولوجيا ظهرت تحولات جديدة أُخدت بعين الاعتبار كالجانب الإقتصادي و البيئي، مما أدى الى ظهور أنواع أخرى من المصابيح الكهربائية التي سنتعرف عليها في مقال قادم.

تحرير: أسماء بن قدور/ تدقيق لغوي: مريم السهلاوي

 المصادر : 1 , 2

 


الكاتب: أسماء بن قدور