image_pdfimage_print

أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، في 25 من يونيو الماضي، على متن صاروخ “فالكون” أداة قد تحدث ثورة في مجال استكشاف الفضاء.

إلى حيننا هذا لا زالت المركبات الفضائية تعتمد على أوامر و توجيهات من الأرض للتنقل في الفضاء؛ إذ يعتمد الملاحون على هوائيات ضخمة لإرسال إشارات للمركبة الفضائية، و يتم قياس المدة المستغرقة من طرف الإشارة المرسلة و المعكوسة للأرض للقيام بهذه الرحلة ثنائية المنحى بواسطة ساعات ذرية، و هي ساعات دقيقة للغاية موجودة على سطح الأرض. يكشف الوقت المستغرق مسافةَ المركبة الفضائية عن الأرض لأن الإشارة المرسلة تنتقل بسرعة معروفة (سرعة الضوء)، و عن طريق إرسال إشارات عديدة، يتمكن الملاحون من حساب مسار المركبة الفضائية و كذا توجيهها.

رغم أن الأمر يبدو معقدًا شيئا ما، إلا أن معظمنا يستخدم هذا المفهوم يوميا. فمثلا إذا كنت تستغرق ما يعادل 30 دقيقة سيراً على الأقدام للتنقل من منزلك إلى أقرب بقال لك، وإذا كنت تعلم أنه يمكنك المشي لمسافة كيلومتر في غضون 20 دقيقة، فيمكنك حساب المسافة إلى البقال.

تَقَيُّدُ الرحلات الفضائية بالتوجيهات الأرضية يطرح العديد من المشاكل فيما يتعلق بالمهمات التي تهدف إلى زيارة كواكب أخرى، إذ أنه كلما ابتعدت المركبة عن الأرض كلما اتخدت الإشارات ذات المنحيين وقتا أكبر للوصول، فكيف يمكن لرواد الفضاء التنقل بعيدا عن الأرض إذا لم يكن لهم تحكم فوري بمسارهم؟ وكيف يمكن للمركبة الهبوط بدقة على كوكب آخر عندما يكون هناك تأخُّر في التواصل الذي يؤثر على سرعة ضبط مسارها؟

الساعة الذرية للفضاء السحيق أو DSAC كاختصار ل”Deep space atomic clock” هو جهاز تم تطويره من طرف مختبر الدفع النفاث “JPL” التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا بولاية “كاليفورنيا” بهدف تجاوز عراقيل التواصل التي تواجه الرحلات الفضائية.

الساعة الذرية للفضاء السحيق.

دقة الساعة الذرية للفضاء السحيق تتجاوز بنسبة خمسين مرة دقة ساعات نظام تحديد المواقع العالمي “GPS”، كما أنها مستقرة لدرجة تسمح لها بالطيران على متن مركبة فضائية، و عوض اللجوء لتقنية ثنائية المنحى بهدف توجيه الرحلة الفضاية، سيرسل الملاحون في المستقبل إشارات من الأرض إلى المركبة لقياس مقدار الوقت الذي استغرقته تلك الإشارات للوصول إليها بفضل الساعة الذرية للفضاء السحيق الموجودة على متنها، وبالتالي يمكن للمركبة الفضائية بعد ذلك حساب موقعها و التحكم في مسارها.

أطلقت ناسا، في 25 من يونيو الماضي، الساعة الذرية للفضاء السحيق على متن صاروخ فالكون لشركة “space X” في مدار الارض في مهمة تجريبية ستدوم لسنة، الشيء الذي قد يمهد الطريق لمستقبل من التنقل الفضائي “المستقل” شيئا ما، أي تنقل يعتمد على إشارات أحادية الاتجاه و اتصالات قليلة من و إلى الارض، بالاضافة إلى هذا، يمكن للمركبات الفضائية المزودة بهذه التكنولوجيا أن توَجَّه كأقمار صناعية للمريخ مستقبلا خالقةً بذلك شبكة تشبه نظام تحديد المواقع العالمي GPS، و موجِّهةً الروبوتات على سطح المريخ و البشر لما لا.

اقلاع الصاروخ فالكون الذي يحمل الساعة الذرية للفضاء السحيق في 25 من يونيو الماضي.

المصادر :

(1) (2)

(الصورة 1) (الصورة 2) (الصورة 3)


الكاتب: وصال أبومجد