يحمل لفظ الكهرباء الحرارية دلالة مزدوجة، فهو يعبر من جهة عن الكيفية التي يستغل بها الفرق الحراري لإنتاج الطاقة الكهربائية. بينما يحيل في المقابل على توليد الطاقة الحرارية انطلاقا من تطبيق تيار كهربائي بين قطبي مادة معينة بقية التسخين أو التبريد دون اللجوء إلى أي نوع من المحروقات أو غيرها من الوسائل التقليدية في إنتاج الحرارة.
إعداد : علي ابن بوبكر/ التدقيق اللغوي: رشيد لعناني
لقد شكلت سنت 1821 فجر تطور الكهرباء الحرارية على يد الفيزيائي الاستوني “توماس سيبيك Thomas Seebeck ” باعتباره السباق لاكتشاف مبدأ تحويل الحرارة إلى كهرباء أو ما عرف لاحقا ب “تأثير بيلتيي-سيبيك Peltier-Seebeck Effect ” اعترافا بمجهوداته إلى جانب الفرنسي “جون بيلتيي Jean Peltier”.
أما بخصوص الشكل الثاني المتعلق بالانتقال من الشكل الكهربائي إلى الشكل الحراري للطاقة، فلم تبدأ بوادره إلا سنة 1851 مع العالم “ويليام تومسون William Thomson” المعروف أيضاً ب “اللورد كيلفين Lord Kelvin” حيث كان من أهم خلاصات أعماله الكشف عن العلاقة الرابطة بين انتقال حملة الشحنة (الإلكترونات مثلا) من الجزء الساخن للمادة إلى الجزء البارد منها وبين ما ينتج عن ذلك من تدفق حراري. إثر هذا التأثير المسمى ب “تأثير تومسون”، يمكن الحديث عن الخاصية الكهروحرارية لمادة ما والتي تقاس بالفولط على الكيلفين.
وإن تواصلت هذه الجهود الجبارة لسنوات عدة فقد بدا هذا الوليد الجديد بدون جدوىً تذكر في الحقل الفيزيائي. لكن التطورات والتعديلات التي شابته زادت من أهميته، فظهرت له تطبيقات ملموسة وناجعة لعل أبرزها هو مولدات الطاقة للمركبات الفضائية التي طورت من قبل مجموعة من الباحثين منذ أوائل الستينات حتى أواخر القرن العشرين. وذلك من خلال استقلال الخواص الفيزيائية لبعض المواد المستعملة في صناعة الحواسيب والأجهزة الإلكترونية عامة في تطوير مواد جديدة، بغية الحصول على تحويل للطاقة بمردود عالٍ.
إن العائق الرئيس أمام الكهرباء الحرارية هو الحاجة إلى مواد ذات توصيل جيد للكهرباء دون الحرارة، في حين أن غالبية المواد ترتبط موصليتها للحرارة بموصليتها للكهرباء. وهنا استعين بأنابيب الكربون النانوية لتوفير إمكانية الفصل بين الموصليتين، إما عن طريق تغليفها بطبقة من الوقود سريع التحلل وإطلاق شرارة عالية الجهد أو بواسطة ليزر أ فتعبرها موجة حرارية سريعة بما يكفي -لتحدث ظاهرة أذهلت الباحثين -مصحوبة بجريان تيار كهربائي. وقد تنبأ الباحثون بمجموعة من التطبيقات لهذه التقنية كأجهزة إلكترونية بحجم حبة الأرز أو أجهزة الاستشعار التي يمكن نثرها مثل الغبار في الهواء أو أجهزة العلاج التي يمكن حقنها في الجسم. كما يمكنها أيضا اختزان الطاقة إلى أجل غير مسمىً حتى يتم استخدامها..
الكاتب: