وقف الفيزيائيون مستغربين كل الإستغراب كيف أن الضوء يخرق قوانين نيوتن. كيف أن سرعته تظل ثابتة غير مكترثة بأي مرجع ؟ لذلك ظن أغلبهم أن هذا ضرب من الهراء.
عوض تصديق نتائج التجربة التي قام بها ألبرت ميكلسون و إيدوارد مورلي، نسبت جملة منهم للأثير خصائص جديدة، في حين انكبت كتلة أخرى على مراجعة معادلات الكهرومناطيسية. و لكن كان للهولندي هنريك لورينتز و الفرنسي هنري بوانكاريه رأي آخر. فبدلا من اتباع الرأي السائد، انطلقا من فكرة أن الضوء يتحرك دائما بسرعة ثابتة. و بناء عليه قاما بإدخال تعديلات على معادلات غاليليو و طرح فرضيات شجاعة و جريئة تخص المكان و الزمان. أوشكا على فك اللغز و لولا تقدمهما في السن من جهة و ضباب التقاليد كانت لتحول دون مضيهما قدما في هذه المغامرة، لكانت نظرية النسبية الخاصة لتنسب لهما عوض آينشتاين.
لاحظ آينشتاين أن أعمالهما تفتقر للتناسق و البساطة. فقام سنة 1905 بنشر مقال من 31 صفحة، يحل فيه كل التناقضات. قام آينشتاين بالحفاظ على معادلات الكهرومغناطيسية و إعادة التفكير في الديناميكا الغاليلية وأطروحات نيوتن. و هكذا أسس لنوع جديد من الديناميكا : نظرية النسبية الخاصة. سميت كذلك لأنها تعنى فقط بالحركات المستقيمية المنتظمة عكس الحركات المتسارعة أو المتباطئة والتي سيتم التطرق لها في النظرية العامة.
تقوم نظرية النسبية الخاصة على مبدأين أساسيين :
1. لا تتغير قوانين الفيزياء بتغيير المرجع في حركة مستقيمية منتظمة. و يطبق هذا المبدأ على كل الأجسام المادية و الظواهر الكهرومغناطيسية كحركة الضوء.
2. تظل سرعة الضوء ثابتة في الفراغ بالنسبة لجميع المراجع.
إليكم هذا المثال لنفهم النتائج المترتبة عن هاذين المبدأين. و لكن كونو حذرين، قد يبدو لكم هذا نوعا من الخيال العلمي. و لكن إذا غيرنا نظرتنا التقليدية للمكان و الزمن، سيحول ضباب الخيال العلمي إلى علم يفسر الخيال.
تخيل نفسك عزيزي القارئ راكبا في قطار يتحرك و أنت تنظر للأمام. أي أن المنحى الذي تنظر إليه سواء كنت جالسا أم واقفا يتوافق و منحى حركة القطار. تخيل أنك صادفت شخصا واقفا خارج القطار على جانب السكة و ينظر للأمام، و أنه في تلك اللحظة قمت ببعث شعاع ضوئي نحو الأمام(الصورة 1). بعد مرور ثانية واحدة سيتواجد الضوء على بعد نفس المسافة منكما(300000 كلم تقريبا) بالرغم من أنك تحركت بالمقارنة مع الشخص المتواجد خارج القطار(الصورة 2)
بالنسبة لآينشتاين، تغير الحركة مفهومي الزمن و المكان التقليديين. و بناء عليه قام آينشتاين بثورة في عالم المعادلات الفيزيائية، متحديا كل الأفكار التقليدية و مؤسسا لنوع جديد من الفيزياء. فمعادلاته تشير لكون الزمن و الفضاء يتقلصان و يتمددان. فالأول يتمدد و الثاني يتقلص كلما زادت سرعة المتحرك. و بذلك يصير لكل متحرك زمنه و فضاؤه أو بمعنى أدق “زمكانه”. وداعا لزمن نيوتن و مرحبا بأزمنة آينشتاين. وداعا لفضاء نيوتن و مرحبا بفضاءات آينشتاين. ليس هذا فقط، فهذه النظرية تخبرنا أيضا بكون سرعة الضوء غير قابلة للتجاوز. فمهما كبرت الطاقة الحركية لجسم متحرك، لن يستطيع تخطي سرعة الضوء.
ترقبو الجزء الثالث : ما بعد النظرية لنحاول أن نبسط مغامرة آينشتاين بعد فراغه من نسبيته الخاصة. و تذكرو : مفاهيم الفضاء و الزمن نسبية و لا معنى لها في غياب المرجع.
المرجع : sciences et avenir N180
الكاتب: