لقد تمكن باحثون فرنسيون من اكتشاف مورثة قد تكون السبب وراء السكتات الدماغية عند البالغين الشباب، عرف عدد هذا النوع من الإصابات ارتفاعا و انتشارا مهولا خلال السنوات الماضية.
ترجمة : نايت أجو سميرة / التدقيق اللغوي: الحسن أقديم.
في غالبية الحالات، فإن السكتة الدماغية تصيب الأفراد البالغين 65 سنة فما فوق، لكنه تبين أنه مع استقرار وثيرة الإصابة بهذا الداء لدى هذه الفئة العمرية، استفحلت عند الشباب البالغين 20 الى 64 سنة).
في شهر أكتوبر من سنة 2013، أجريت دراسة حول هذا الداء، و قد تم نشر نتائجها ضمن مجلة “لانست”. ارتكزت هذه الدراسة على بيانات 119 دولة ذات دخل مرتفع ومتوسط و منخفض. و خلصت إلى أن عدد حالات السكتة الدماغية ارتفع بنسبة 25 بالمائة في غضون 20 سنة عند الفئة العمرية 20 الى 64 سنة، مع العلم أن نسبة الحالات ضمن العدد الإجمالي للمصابين بالسكة الدماغية كانت 31 بالمائة سنة 2010، مقابل 25 بالمائة سنة 1990.
تسلخ الشرايين العنقية، عامل محفز لكنه مجهول.
من بين الأسباب الأساسية التي تؤدي إلى حدوث السكتة الدماغية عند الشبان البالغين، سبب مجهول : تسلخ أو قطع الشرايين العنقية، نزيف غريب يحدث على مستوى جدار الشرايين السباتية، أو على مستوى الشرايين الفقرية المارة من جانبي العنق، هذا النزيف يؤدي شيئا فشيئا الى تشقق الشريان دون أن يحدث عطلا أو خللا في الأوعية الدموي.
ينتج عن هذا النزيف ورم دموي يعمل على تقليص قطر الشريان، و يمكن أن يتسبب في إغلاقه كليا، يتكون بعد ذلك تجلط في الشريان يمنع تدفق الدم إلى الدماغ، و على هذا المستوى تحصل السكتة الدماغية.
ليومنا هذا، تبقى الأسباب الكامنة وراء تشقق الشرايين العنقية محيرة، بل الأكثر من ذلك مجهولة، و قد تمكن باحثون من المعهد الوطني للصحة و البحوث الطبية بشراكة مع باحثين من المركز الاستشفائي الجامعي الجهوي لمدينة “ليل” الفرنسية، من رصد مورثة ذات قابلية، لها يد في حدوث هذه الإختلالات، ويتعلق الأمر بمورثة PHACTR1.
هذا الاكتشاف كان نتيجة دراسة كبيرة نشرت نتائجها بتاريخ 24 نونبر ضمن دورية Nature Genetics، و أجريت أبحاثها على 19116 شخصا منحدرا من 12 بلدا مختلفا، (10 أشخاص من أوروبا، الولايات المتحدة الامريكية، و روسيا)، و قارن الباحثون خلال الدراسة جينومات 2052 شخصا مصابا بالخلل على مستوى الشريان العنقي، بجينومات 17064 شخصا سليما، و تمكنوا من إثبات أن شكلا مميزا من أشكال المورثة PHACTR1 كان مرتبطا بانخفاض مخاطر التعرض لتشقق، أو خلل على مستوى الشريان العنقي.
و تجدر الإشارة أن هذه المورثةذات القابلية لا يعني بتاتا قابلية وراثية للسكتات الدماغية، وتعبير جينوماتنا تبقى خاضعة للبيئة و للمحيط الخارجي. وعوامل الخطر على غرار ارتفاع ضغط الدم، والكولسترول، و التدخين، لها تأثير سلبي مباشر أكثر خطورة من تأثير المورثة ذات القابلية.
اكتشاف واعد.
إن اكتشاف هذا الشكل المميز للمورثة و ارتباطه بظهور تسلخ على مستوى الشريان، من شأنه أن يوضح أكثر الصورة، و يسمح بفهم أكثر لهذه الظاهرة. كما أنه يفتح آفاقا جديدة قصد التعرف أكثر على الأشخاص المهددين، و محاولة تفادي وقع السكتات الدماغية عند الشباب البالغين.
و تؤكد الباحثة “ستيفاني ديبيت”، أخصائية الأمراض العصبية، و أول الموقعين على هذا الاكتشاف: ” أنه أمام صعوبة التشخيص و خطر هذا المرض، فإن من شأن هذه المورثة ذات القابلية، أن تيسر فهم آليات ظهور هذا الخلل على مستوى الشريان العنقي”.
المصدر: Sciences et avenir
الكاتب: