سنتحدث اليوم عن علم الكمياء، الذي اعتبره الباحث ‘فيلب بول’ من أكثر العلوم اعتمادا على الحواس: الرؤية والشم والتذوق، إذ إن أهم التحاليل الكميائية اعتمدت عليها سابقا، رغم أننا اليوم لن نتذوق أو نشم عينة في المختبر كيفما كانت، بل يمكننا أن نلمسها أو حتى أن نسمع أصوات جزيئاتها. كيف ذلك؟ هذا ما شغل الباحث “دافيد واتس” الذي تخيل أنه أثناء التفاعل الكميائي تصدر نغمات موسيقية تميز كل جزيئة عضوية، حيث تصور أنها تشبه آلات وترية صغيرة. فلنكتشف سويا كيف تمكن من سماع هذه النغمات؟
إعداد: صفاء شافي التدقيق اللغوي: علي توعدي
اعتمد “دافيد” على مبدأ تحويل (fourier) للتصوير الطيفي بالأشعة تحت الحمراء (FTIR)، حيث يتم تعريض الجزيئات لطاقة هذه الأشعة، مما يؤدي إلى تغيير طاقة اهتزازها. وليتمكن من سماع صوت هذه الاهتزازات عمل على خلق موجات صوتية مسموعة عاكسا تحويل (fourier).
لهذا أصبحت كل جزيئة تمتلك اهتزازا خاصا بها يتم تحويله إلى نغمة موسيقية، لم يكن الهدف منها التمتع بتغريداتها، بقدر ما كان الفضول و تحويل فكرته إلى واقع، فهي تارة تشبه رنة الهاتف، وتارة أخرى تشبه المؤثرات الصوتية المستخدمة في أفلام الخيال العلمي.
سماع صوت جزيئة أثناء تفاعل كيميائي ينشط لديك حاسة السمع، بل ينميها. و لكن أظن أن السمع المطلق يخص بالدرجة الأولى الباحث الكميائي الذي تجمعه بهذه الجزيئات ساعات طويلة من التجارب، فتجد أنه من أروع المواقف أن يتمكن من مراقبة سير تفاعل كميائي صوتا و صورة.
يرى “واتس” أنه كخطوة أولى يجب إعداد قاعدة بيانات صوتية لجميع الجزيئات، ليتمكن باقي الباحثين من العمل عليها في المستقبل. و يؤكد على أن الأصوات التي تمكن من تسجيلها و التي يمكنكم اكتشاف نغماتها على الرابط ، يمكن أن يؤذي بعضها آذانكم، فهو لم يركز على عذوبتها، بقدر ما أراد أن تكون حاسة السمع حاضرة في تفاعلاته الكميائية، لكنه ينوي تحويلها إلى تغاريد ممتعة لكل عاشق للألحان، وهذه المرة بعزف جزيئي أثناء تفاعلات كميائية.
الكاتب: