تجربة جديدة من شأنها أن تسمح للإنسان أن يرى مباشرة التشابك الكمي، التجربة أجراها أول مرة باحثون من سويسرا، حيث قالوا أن نفس التقنية يمكن استخدامها للتشابك الكمي بين شخصين.
لكن يحسن أن تكون أول شخص على الإطلاق يشاهد التشابك الكمي بأم عينيه، فإن التجربة صُممت للرد على بعض الأسئلة الهامة وبعيدة المدى، كيف يبدو التشابك الكمي ؟ وما هو شعور التشابك الكمي مع إنسان آخر؟
التشابك الكمي هو ظاهرة غريبة حيث يتفاعل اثنان من الجسيمات بطريقة تجعلها مرتبطة بعمق، وبشكل أساسي ‘تشارك’ شيئا ما. وهذا يعني أن ما يحدث للجسيم الأول سيؤثر بشكل مباشر وعلى الفور على ما يحدث للآخر – حتى لو كان هذا الجسيم الآخر بعيدا بسنوات ضوئية.
ألبرت انشتاين اشتغل كثيرا و عانى مع هذا الموضوع، وكانت مشكلته أن يجعل التشابك الكمي يعمل، ويشتغل ضد نظريته الخاصة بالنسبية، لأنه أراد أن يجعل المعلومات تتحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء. وهذا ما دفعه إلى الرجوع إلى التشابك على اعتبار أنه “أثر خفي عبر مسافة”، الذي هو في الأساس وسيلة لأينشتاين للقول بأن كل شيء سخيف.
على مدى عقود، نفى علماء الفيزياء وجود التشابك الكمي، ولكن العلماء اليوم يجرون تجاربهم على تشابك الجسيمات بكميات ضخمة في المختبرات في جميع أنحاء العالم، حيث تعتبر أساس الحوسبة الكمية – التكنولوجيا التي من المتوقع أن تغير كل شيء عن كيفية معالجتنا وتخزين المعلومات في المستقبل. (على سبيل المثال، كمبيوتر غوغل الكمي أسرع 100 مليون مرة من حاسبك المحمول، مع العلم أنه ليس حاسوبا كميا خالصا ).
الآن أصبح ممكنا جعل الفوتونات (جزيئات الضوء) تتشابك كميا في المختبر مع سهولة نسبية، مما دفع بفريق فالنتينا كابرارا من جامعة جنيف لطرح السؤال، ماذا سيتطلب الأمر لجعل الإنسان يرى هذه العملية بعينيه؟
من المفترض أن العين البشرية هي في الأساس كاشفة للفوتونات، لذلك، من الناحية النظرية، ينبغي أن نكون قادرين على استبدال كاشف الفوتون في تجربة التشابك بالعين البشرية، وجعل الناس يراقبون العملية .
إن التجربة تحتاج فقط إلى إرسال عدة أزواج من الفوتونات المتشابكة إلى كاشف الفوتون البشري، ويتعين أن تتكرر العملية مرارا للتأكد إحصائيا من وقوع عملية التشابك فعلا.
للأسف، في الواقع، العملية ليست بهذه البساطة، كما يوضح معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا : ” المشكلة الرئيسة هي أن العين لا يمكنها الكشف عن فوتون واحد، بدلا من ذلك، كل جزء كاشف عن الضوء في الجزء الخلفي من العين يجب أن يُحفز بواسطة حفنة جيدة من الفوتونات للتوصل إلى كشف، وأقل عدد من الفوتونات التي يمكنها تحقيق هذا هو حوالي سبعة، ولكن في الممارسة العملية، الناس عادة يرون الفوتونات فقط عند وصولها بالمئات أو الآلاف، ومع ذلك، فإن العين ليست كاشفا ضوئيا فعالا. في مختبر بصري جيد ستكون نسبة الاستشعار البصري بكفاءة أكثر من 90 في المئة. وفي المقابل، وفي مستويات الضوء الدنيا، فإن فعالية العين تكون نحو 8 في المئة. وهذا يعني أنها تفتقد الكثير من الفوتونات. ”
وهذا يعني أن سبعة الفوتونات يجب أن تكون متشابكة كي تتمكن عين الإنسان من رؤيتها، وهذا هو الحد الأدنى – إذا كنت تريد رؤية مميزة فإنك تحتاج إلى مئات وربما آلاف الفوتونات المتشابكة، وهذا غير ممكن مع تكنولوجيا اليوم.
إذن ما هو الحل؟ تضخيم ما هو ممكن بتكنولوجيا اليوم، وبالتالي فإن العين البشرية يمكنها الكشف بطريقة أفضل.
هذا ما اكتشفت فيفولي وفريقها كيفية القيام به في تجربتهم افتراضية، وذلك باستخدام عملية تسمى “عملية الإزاحة”، والذي يجعل اثنين من الجسيمات يتداخلان بحيث يتم تبديل طور إحداها من قبل الطرف الآخر.
و كما يتوقع مستقبلا، يمكن للفيزيائيين استخدام جهاز يسمى مقسم الأشعة لتحقيق ذلك:
” شعاع من الفوتونات المتناسقة من الليزر تُوجه إلى المقسم، و ينتقل من خلاله، ولكن بعد ذلك، تغير في الطور يجعلها تنعكس. إذا تداخل شعاع ليزر ثان مع الأول، فإنه سيتم تغيير طور الشعاع الأول، – مما يؤدي إلى عكسه بدلا من تمريره من خلال المقسم.
لذلك فإن الشعاع الثاني يتحكم في ما إذا كان الشعاع الأول ينعكس أم لا. هذا ‘ الشعاع المتحول’ لا يحتاج إلى أن يكون قويا مثل الشعاع الرئيس، ولكنه يحتاج إلى أن يكون متجانسا لنجاح العملية “.
لذلك وبعبارة أخرى، أنت تستخدم فوتونا متشابكا لتغيير مسار شعاع أكثر قوة لإثبات أنه مرتبط، وهذا الشعاع الأقوى هو ما ستكون العين البشرية قادرة على رؤيته.
وقد نشرت تفاصيل التجربة الافتراضية على موقع arxiv.org، ولا زالت ستخضع للتدقيق، ولذا فإننا هنا سنتوقف عند كلام فيفولي و فريقها، الذين يؤكدون ” أنه بالإمكان إنجاز التجربة الأولى لملاحظة التشابك الكمي بالعين”.
مشكل آخر هو أن الجلوس ومشاهدة الآلاف – أو ربما عشرات الآلاف – من تجارب تقسيم الأشعة ليس مثيرا تماما، حتى مع احتمال أن تكون أول إنسان يشاهد تشابك الكم بأم عينيه. وربما سيحتاج المشاركون إلى حافز لعدم الشعور بالنوم كل 30 ثانية.
الإجابة؟ جعل المشاركين يتشاركون كميا بالطبع.
يقول معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا :” ثمة طريقة لزيادة هذا الدافع، وهو تعديل التجربة بحيث يتشابك اثنان من البشر. ليس من الصعب أن نتخيل أناسا راغبين في المشاركة في هذه التجربة، وربما حتى بفارغ الصبر”، ويضيف “هذا سيتطلب تعديل التجربة حتى تكون كل الكواشف عيونا بشرية، مع مستواها العالي في التتبع وانخفاض كفاءتها. و يبقى الأمر غير واضح في مدى إمكانية دمجه مع إعدادات فيفولي و فريقها.”
المصدر : ساينس ألرت
الكاتب:
المدقق اللغوي: