تخيل لو أن الكاميرات الرقمية أو الهواتف الذكية بدون عدسات التصوير المنتشرة أو أن النظارات الطبية بها عدسات ورقية رقيقة.
اعتقد الباحثون دوما أن العدسات البصرية المسطحة و الرقيقة يستحيل استعمالها في الكاميرات أو أجهزة أخرى بسبب الطريقة التي تجتازها بها ألوان الضوء، حيث لا بد لأشعة الضوء أن تغير مسارها من خلال هذه العدسات. ونتيجة لذلك، كان على المصورين التعامل مع عدسات مقوسة أكثر تعقيدا . لكن أستاذ الهندسة الكهربائية والكمبيوتر بجامعة ولاية يوتا راجيش مينون وفريقه طوروا طريقة جديدة لخلق عدسات مسطحة ورقيقة لدرجة يمكنها أداء وظيفة العدسات التقليدية في جعل الضوء يغير مساره و يتقارب إلى نقطة واحدة، وهي الخطوة الأساسية في إنتاج صورة.
ونشرت النتائج التي توصل إليها، الجمعة 12 فبراير، في ورقة جديدة بعنوان : “عدسات تصحيحية لانحراف الضوء لتركيز فائق النطاق”، في العدد الحالي من التقارير العلمية. وقد شارك في تأليف الدراسة من جامعة ولاية يوتا طلاب الدكتوراه بنغ وانغ ونبيل محمد.
يقول مينون : “بدلا من أن تكون العدسة مقوسة، فإنه يمكن أن تكون مسطحة جدا حتى تحصل على فرص تصميم جديدة تماما لأنظمة التصوير مثل تلك الموجودة في هاتفك المحمول، نتائجنا تصحح فكرة شائعة لكن خاطئة، وهي أن العدسات المسطحة الانحرافية، لا يمكنها تصحيح جميع الألوان في وقت واحد.”
من أجل التقاط صورة فوتوغرافية في كاميرا أو تركيز العين على صورة من خلال النظارات الطبية، يجب على ألوان الضوء المختلفة المرور عبر العدسات والتقارب إلى نقطة في مستشعر الكاميرا أو على شبكية العين. كيف يحيد الضوء من خلال عدسات مقوسة يعتمد على مفهوم قديم يعرف بالانكسار، وهو مبدأ مشابه لعملية وضع قلم رصاص في كوب من الماء، وملاحظة أنه ينكسر في الماء. للقيام بذلك، تستخدم الكاميرات كومة من العدسات المقوسة من أجل تركيز كل ألوان الضوء إلى نقطة واحدة. يتطلب الأمر عدسات متعددة لأن الألوان المختلفة تحيد بشكل مختلف، وتكون مصممة لضمان أن جميع الألوان تتركز في نفس النقطة.
اكتشف مينون وفريقه وسيلة لتصميم عدسة مسطحة يمكن أن تكون 10 مرات أرق من شعرة الإنسان أو ملايين المرات أرق من عدسة كاميرا اليوم. اكتشفوا ذلك من خلال المبدأ المعروف باسم الحيود،حيث يتفاعل الضوء البنيات المجهرية في العدسات والتقوسات.
و يضيف مينون “في الطبيعة، نرى هذا عند النظر في أجنحة بعض الفراشات. مصدر لون الأجنحة هو حيود الضوء، ونفس الأمر اذا نظرتم الى قوس قزح، الجديد هو أننا أثبتنا أنه يمكننا هندسة تغيير مسار الضوء من خلال الحيود بطريقة تجعل الألوان المختلفة تتركز في نفس النقطة. هذا هو ما اعتقد الناس أنه لا يمكن القيام به “.
استخدم فريق مينون خوارزميات خاصة لحساب أبعاد العدسة، بحيث يمكن لألوان مختلفة أن تمر من خلالها، وتتركز في نقطة واحدة. العدسة الناتجة، تدعى “عدسة فائقة الألوان” يمكن أن تصنع من أي مواد شفافة مثل الزجاج أو البلاستيك.
وتشمل التطبيقات الأخرى لهذا النظام البصري المحتمل الأجهزة الطبية مثل مناظير أرق وأخف وزنا، يمكنها رؤية ما بداخل جسم الإنسان. كما يمكن استخدامها لطائرات بدون طيار أو الأقمار الصناعية لتخفيف الوزن الذي يعتبر معيارا مهما. الهواتف الذكية المستقبلية يمكن أن تأتي مع كاميرات مسطحة تزيد من نحافة الهواتف.
والآن بعد أن أثبت مينون وفريقه أن المفهوم الجديد يمكن أن يعمل، فإنهم يعتقدون أن التطبيقات الأولى لأبحاثهم يمكن أن تصبح حقيقة واقعة في غضون خمس سنوات.
المصدر : جامعة ولاية يوتا
الكاتب: