للمرة الأولى، أثبت العلماء أن كائنا حيا وحيد الخلية معدوم الجهاز العصبي قادر على التعلم. حيث نجح فريق من مركز بحوث الإدراك عند الحيوانات، بجامعة تولوز III – بول سباتيي، في إثبات قدرة كائن حي وحيد الخلية من الطلائعيات يدعى فيزاروم بوليسيفالوم على إظهار أحد أنواع التعلم المتمثل في الاعتياد، هذا الاكتشاف يوضح مصدر القدرة على التعلم اثناء التطور حتى قبل ظهور الجهاز العصبي والدماغ. كما يفتح النقاش حول قدرة تعلم متعضيات أخرى جد بسيطة مثل الفيروسات والبكتريات. نشرت هذه النتائج في صحيفة وقائع الجمعية الملكية.
القدرة على التعلم والذاكرة عناصر أساسية لدى الحيوانات. حيث يعد استخلاص الدروس من التجارب وتكييف السلوك تبعا لذلك أمر حيوي بالنسبة للحيوانات التي تعيش في بيئة مضطربة وخطرة. هذه القدرة تعد بوجه عام حكرا لدى المتعضيات المتمتعة بدماغ وجهاز عصبي.
غير أنه كان لزاما على المتعضيات الوحيدة الخلية أيضا التكيف مع التغيير. فهل تظهر هذه المتعضيات قدرات على التعلم؟
البكتيريات لديها بالتأكيد القدرة على التأقلم لكنها تظهر لدى مجموعة من الأجيال المتتالية وبالتالي هنا يجري الحديث بشكل أكبر عن التطور.
لهذا عمل فريق من البيولوجيين لإثبات أن الكائنات الوحيدة الخلية قادرة على التعلم، فاختاروا أن يدرسوا فيزاروم بوليسيفالوم، وهي عبارة عن خلية ضخمة تعيش تحث الاخشاب، وتظهر مهارات مبهرة، مثل الخروج من المتاهات وتجنب الخدع أو الزيادة في التغذية. ولكن لم نكن نعرف إلا النذر اليسير حول قدرتها على التعلم.
في تجربة استغرقت تسعة أيام، واجه العلماء مجموعات مختلفة من هذا الطلائعي بمواد مرة ولكن غير ضارة، وجب عليهم عبورها ليحصلوا على الغذاء.
هكذا واجهت مجموعة جسرا مغمورا بمادة الكينين، وأخرى واجهت جسرا مغمورا بمادة الكافيين، في حين أن المجموعة الشاهدة ما عليها سوى المرور على جسر غير مغمور.
بعد بداية من التردد حول عبور المواد المرة، تعلمت هذه الكائنات مع مرور الأيام أن هذه المواد غير مضرة وبدأوا باجتيازها أسرع فأسرع، وبدأت بالتصرف على بعد ستة ايام مثل نفس المجموعة النموذجية.
تعلمت الخلية إذا أن عليها ألا تخشى من مادة غير ضارة بعد أن واجهتها لمرات عديدة، هذه الظاهرة يطلق عليها العلماء الاعتياد.
في غضون يومين دون اتصال مع المادة المرة، يستعيد هذا الكائن سلوكه الأصلي المتمثل في الريبة.
وفضلا عن ذلك، يظهر كائن متعود على مادة الكافيين نوعا من الريبة اتجاه مادة الكينيين، والعكس بالعكس. إن الاعتياد خاص بمادة معينة.
إن الاعتياد هو شكل من أشكال التعلم البدائية لدى الحلزون البحري أبليزيا. هذا النوع من التعلم منتشر بين جميع الحيوانات، لكن لم يسبق أن وجد لدى كائن بدون جهاز عصبي.
هذا الاكتشاف لذى هذا الطلائعي القريب من النباتات والفطريات والحيوانات، الذي ظهر على الأرض حوالى 500 مليون سنة قبل الإنسان يتيح لنا فهم أسباب التعلم عند تلك الكائنات التي سبقت ظهور تلك التي تتمتع بجهاز عصبي. ويتيح لنا أيضا إمكانية البحث عن أنواع التعلم لدى متعضيات أخرى بسيطة مثل الفيروسات والبكتريات.
المـصدر: المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي
الكاتب: