image_pdfimage_print

بينت احدى الدراسات العلمية من جامعة فارفيك والتي نشرت بمجلة  Developmental Psychology، أن كبار السن يخضعون لتغيرات في طريقة الوصول إلى ذاكرتهم، عوض تباطؤ سرعة المعالجة الذهنية، ويعتقد الباحثون بأن استعمال استراتيجيات التنقيب، سيمكن الأفراد من تأخير ضعف الذاكرة.

MEMO

حيث قام الباحثون ب’ تجربة التسلسل الحيواني’ لمجموعة من 185 مشاركا بين 29 و99 سنة، وتطلبت الإجابات إعطاء أكبر قدر ممكن من أسماء الحيوانات في مدة ثلاثة دقائق، وقد عرف لمدة طويلة كيف أن أداء هذا النوع من التجارب يتراجع مع تقدم سن المعني، إلا أن الأكاديميين اكتشفوا أن ذلك مرتبط بطريقة تذكر المشاركين كبار السن للمعلومات – وليس بمعالجة ذهنية متباطئة، كما كان شائعا.

التنقيب الذهني

لقد أظهرت الأبحاث بأن الأشخاص الكبار في السن ينتقلون من ‘حقل’ ذاكرة إلى آخر دون أخذ الوقت الكافي لاستثمار المعلومة الموجودة بها، و هو ما شبهه الفريق بطائر يتوقف عن التنقيب بشجيرة مثقلة بالعليق قبل حتى أن يكمل جني كل الثمار الموجودة عليها.

وتاريخيا، فقد عرف ضعف الذاكرة على أنه تراجع عام لسرعة المعالجة الذهنية للفرد، إلا أن الدكتور ‘هيلز’ وهو أستاذ مساعد بقسم علم النفس لجامعة فارفيك، يفضل وصف العملية بأنها تغير في كيفية ولوج أناس من أعمار مختلفة لذاكراتهم، وليس من الواضح بعد إذا ما كان مرد هذا التحول فيزيولوجيا أم أنه تنفيذ لأهداف استراتيجية معينة.

ويضيف الدكتور قائلا: “بإمكانكم تخيل أن تقدم الناس بالعمر يجعلهم يغيرون طريقة استراتيجيات البحث في ذاكرتهم، كما يمكن أن يكون السبب هو تغير فيزيولوجي في آليات البحث في عقل الشخص. ومعطياتنا لا يمكن أن تحدد الشرح الأكثر دقة، إلا أن أبحاثا سابقة أظهرت بأنه كلما تقدم الناس في السن فقدوا قدرة ‘عمل الذاكرة’ لديهم، ويصبحون أقل قدرة على تخزين المعلومات مع استخدام مجهود أكبر في ذات الوقت . “

ويشرح هيلز كيف أن نتائج بحثهم تتفق مع هذا البحث “عندما يحاول مشاركونا تذكر الأشياء، فإنهم يستخدمون آخر شيء قيل كإشارة، فمثلا إذا قال شخص ‘قطة’ فيمكن أن يذهبوا إلى التفكير في الأسد والزرافة وغيرها، و كلما كبر الإنسان بين البرهان أن قدرتهم على ضبط آخر شيء قالوه تتراجع، إنهم يفقدون قدرة ذاكرتهم على العمل”

وقد وجد الباحثون بأن كبار السن كانوا أقل قدرة من الشباب على التعامل مع متطلبات اختبار التسلسل الحيواني، وتعمل مقاربة هذه المهمة على الدخول حقول دلالية مختلفة من الذاكرة، فمثلا تلك الخاصة بالحيوانات الأليفة يمكن أن تبدأ بسرد الكلاب، القطط، الأرانب… و عندما ينفد عدد الحيوانات الموجودة بهذا الحقل تصبح الإجابة أصعب.

وكشفت التجربة على أن المشاركين الأكبر ‘ يطيرون ‘ من حقل إلى آخر أكثر مما يفعل نظراؤهم الشباب. والأهم، فإن الأكبر سنا ينتقلون من مصدر دلالي قبل الاستفادة كليا منه، فيما يجد الأشخاص الأصغر سنا سهولة أكبر في معرفة الوقت الأنسب للانتقال.

ويراهن الدكتور هيلز وفريقه على أن تحفيزا واعيا لاكتشاف كل حقل دلالي بالكامل من شأنه مساعدة كبار السن على تحسين قدرات ذاكرتهم.

وفي الأخير، يؤكد الدكتور على ضرورة إجراء أبحاث أكثر قبل إصدار أي تأكيدات في هذا السياق، إلا أنه يؤمن بإمكانية مساعدة الأفراد الذين يعانون من تردي الذاكرة على إعادة دراسة الدلائل اللغوية، وقد يتم ذلك بتشجيعهم على الكتابة، أو باستعمال تقنيات بسيطة لربط الكلمات، وستساعد هذه الاستراتيجيات على تقليص كمية ‘ القفز’ الذهني الذي يقوم به الفرد.

فمن خلال التركيز على الإشارات اللفظية وباستعمال تقنيات التنقيب، قد يتمكن كبار السن من إبعاد شبح ضعف الذاكرة. كما يمكن لنتائج البحث أن تفيد كذلك في محاربة اختلالات إدراكية أخرى .

المرجع: 1

الصورة: 2


الكاتب: مصطفى فاتحي