image_pdfimage_print

قام مجموعة من العلماء بمعهد كارولينسكا باستخدام تقنية تسلسل خلية واحدة (single cell sequencing)، بإنجاز خريطة مفصلة للدماغ تظهر جميع  أنواع الخلايا القشرية والمورثات النشيطة داخلها . تعتبر هذه الدراسة، التي نشرت في دورية ساينس، المرة الأولى التي تستعمل فيها هذه التقنية على هذا المستوى وعلى هذا النوع المعقد من الأنسجة. درس الفريق أكثر من 3000 خلية دماغية، كل واحدة على حدة، كما تمكنوا من تحديد عدد من الأنواع الخلوية لم تكن معروفة.

shutterstock_112959514

    يقول ستين لينارسون، الباحث بقسم الكيمياء الحيوية الطبية  والفيزياء الإحيائية،: ” الدماغ كسلطة فواكه ، لدراسته باستخدام التقنيات الكلاسيكية، فإن الأمر أشبه بعمل عصير فواكه، بحيث أن كل لون لهذا الخليط يرمز لمنطقة دماغية، أما باستعمال تقنية تسلسل خلية واحدة فالأمر أشبه بتحليلنا لكل فاكهة على حدة بشكل دقيق وتصنيفها إلى مجموعات لتحديد أنواعها ومكوناتها وكيف تترابط فيما بينها “.

    لقد اكتشف قبل حوالي 200 سنة، أن جميع الكائنات الحية تتكون من الخلايا،  ثم جاء بعض العلماء الألمان في القرن 19 ليكتشفوا أن طبيعة أنسجة الجسم تحددها الخلايا المكونة لها، والتي  تتحدد بدورها بواسطة المورثات النشيطة في حمضها النووي، غير أن الكثير من التفاصيل لا تزال غير معروفة، ولاسيما فيما يتعلق بالدماغ ، العضو الأكثر تعقيدا في الجسم .

في هذه الدراسة استخدم العلماء تقنية تسلسل خلية واحدة على نطاق واسع ، وقد شملت الدراسة أكثر من 3000 خلية في القشرة الدماغية للفئران، ومقارنة المورثات النشيطة من 20.000 داخل كل خلية،  وقد مكنت من تقسيم الخلايا إلى 47 نوعا، تضم نسبة كبيرة من الخلايا العصبية المتخصصة، وكذا خلايا الأوعية الدموية والخلايا الدبقية .

     بمساعدة هذه الخريطة التفصيلية للدماغ، تمكن العلماء من اكتشاف مجموعة من الخلايا  غير المعروفة سلفا، وقد عثر على خلية عصبية في الطبقة الخارجية لقشرة الدماغ و ستة أنواع من الخلايا الدبقية قليلة التغصن (oligodendrocyte)، التي تلعب دور العازل الكهربائي للخلايا العصبية، هذه الاكتشافات يمكن أن تعطي الأمل في إيجاد حلول لمجموعة من الأمراض التي تصيب النخاعين (myelin) كمرض التصلب المتعدد.

     يؤكد جانس ليفلر، المسؤول رفقة الدكتور لينارسون عن هذه الدراسة، أنه: ” يمكننا أيضا تأكيد النتائج السابقة، مثل أن الخلايا الهرمية من القشرة المخية تعمل بشكل طبقي “. و يضيف قائلا: ” لقد قمنا بإنشاء الخريطة الأكثر تفصيلا  لخلايا الدماغ تظهركل أنوع الخلايا بشكل دقيق، وكذا المورثات التي تنشط فيها، وهذا يعطي العلم أداة جديدة لدراسة جميع  أنواع الخلايا العصبية مما  سيساعد على فهم أفضل لكيفية استجابة الخلايا الدماغية للأمراض والإصابات “

وتشير التقديرات أن دماغ الفأر يحتوي على  100 مليون خلية، أما الدماغ البشري فيحتوي على 65 مليار خلية، ويبلغ قطر الخلية العصبية  ما يقرب من 20 ميكرومتر ، في حين أن الخلية الدبقية تبلغ حوالي 10 ميكرومتر، والميكرومتر يعادل واحد من ألف من الميليمتر.

 

المصدر: معهد كارولينسكا


الكاتب: m.oubir
المدقق اللغوي: الحسن أقديم