يعتبر ديموقريطس أب النموذج الذري، حيث تحدث في نموذجه عن وجود وحدات صغيرة جدا، تعتبر اللبنة الأساسية للمادة. أطلق ديموقريطس على هذه الجسيمات الذرات Atomos وتعني الشيء الغير القابل للتقسيم. دعاه أرسطو إلى مناظرة، انتهت بتسفيه هذا الأخير للنموذج الذي قدمه ديموقريطس واعتبرها مجرد خزعبلات لا تتماشى مع المنطق.
لم يجد العالم الفيزيائي بولتزمان ،سنة 1906، بديلا عن الانتحار . حيث انهي حياته بهاته الطريقة بسبب مشاكل نفسية وأيضا بسبب العزلة التي وضعه فيها المجتمع العلمي بسبب أفكاره حول المكون الأساسي للمادة. بولتزمان كان يجد صعوبات في تقبل أن المادة يمكن أن تنقسم إلى ما لانهاية، كان يتصور وجود وحدات غير قابلة للتقسيم تتدخل في تركيب كل شيء. بعد سنوات فقط تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن الذرات موجودة وتشكل كل مادة في الكون وسيرجع الفضل في ذلك إلى روترفورد عبر تجربته الشهيرة التي اعتمدت على إرسال دقائق ألفا باتجاه صفيحة الذهب، هكذا تأكد أن الذرة تتشكل من نواة تدور حولها الكترونات، وبينها فراغ هائل. هذا النموذج رغم قدرته على تفسير العديد من الظواهر إلا انه بقى عاجزا تماما عن تفسير العديد منها خاصة المتعلقة بالجانب الطاقي. هنا يأتي دور الدانمركي الشاب نيلز بوهر الذي عدل نموذج أستاذه وطرح النموذج الذري الحديث. الفيزياء الحديثة وخاصة فيزياء الجسيمات الدقيقة وصلت إلى حد الخيال، إلى حد الحديث عن عدد كبير من الدقائق الأساسية : بروتون، نوترون، كوارك، بوزون، فوتون …
شغل مفهوم الذرة كل هذا الاهتمام نظرا لأهميته، ولفهم تصرف المادة لابد من معرفة مكوناتها على المستوى الميكروسكوبي. إنها صغيرة جدا إلى حد أن شعرة صغيرة جدا من شعر الإنسان تحتوي على ملايين ملييرة من الذرات. وتحتوي كأس ماء على عدد ذرات يفوق عدد قطرات الماء التي يمكن أن تحتويها كل محيطات العالم.
هكذا تتطور الأفكار عبر التاريخ. تنطلق كل الأفكار والنظريات العظيمة من فكرة صغيرة شاذة تنمو في دماغ احدهم في هذا الكون الشاسع، تنمو الفكرة وتتوسع وتتحول بعد أخد ورد إلى نظرية تفرض نفسها في الحقل العلمي. كل شيء نراه أمامنا من حواسيب وطائرات وأسلحة كان فكرة صغيرة جدا عند أحدهم. بالإضافة إلى هذا فان قوة العلم تكمن في أنه قادر على الاستفادة من أخطاءه وتحويلها إلى مكتسبات وهذا ما برهن عليه العلم في عدة مناسبات. إن تاريخ العلم هو تاريخ أخطاءه وهفواته كما يؤكد غاستون باشلار.
مصدر الصورة : الدروية العلمية PHYSICAL REVIEW LETTERS
الكاتب: