image_pdfimage_print

تمت إدانة شارل سميث، سنة 1993 في بلدة غلينانين الواقعة بضواحي ألاسكا، بجريمة قتل ذهب ضحيتها طفلة في الحادية عشرة من عمرها، واشتبهت النيابة العامة بسميث لكونه شوهد بمسرح الجريمة، لكن عدم كفاية الأدلة حال دون وضعه وراء قضبان السجن.

بالاستعانة بمجهر متطور، قام عالم في الطب الشرعي بتحليل قطع صغيرة من الحديد تم العثور عليها بمسرح الجريمة، فلاحظ أن لها شكلا كرويا لا يمكن الحصول عليه إلا بواسطة اللحام، وهو الأداة التي كان يتوفر عليها المشتبه به في متجره حيث كان يستعملها لإصلاح دراجات الأطفال بالمنطقة. بفضل هذا الدليل تمكنت الشرطة من ربط الوقائع ليتم القبض على المجرم.

نعم بطل هذه القصة هو المجهر الإلكتروني الماسح، حيث سنتحدث في هذا المقال عن تاريخ تطوره، كيفية عمله، مجالات تطبيقاته، ومميزاته.

عندما كان تطوير المجهر الإلكتروني النافذ يتم على قدم وساق، ظهر فجأة سنة 1937 الإختراع الجديد، حيث اعتبر المجهر الإلكتروني الماسح في البداية غير مهم، لكن إصرار أوتلي أستاذ الهندسة الكهربائية بجامعة كامبريدج وزملائه، مكن من إثباث أهمية هذا الجهاز وجودة الصور الثلاثية الأبعاد التي ينتجها. يستعمل هذا المجهر اليوم بشكل روتيني في العديد من المختبرات عبر العالم وتطبيقاته تطال العديد من المجالات.

micro

يتكون المجهر الإلكتروني الماسح من مولد للإلكترونات يقوم بإنتاج الإلكترونات اللازمة لعمل المجهر، عدستين مجمعتين و عدسة شيئية كالعدسات التي يتوفر عليها المجهر الضوئي وتستعمل للحصول على صورة واضحة ومفصلة (الإختلاف الوحيد هو أن هذه العدسات ليست زجاجية حيث تكون مصممة من مادة مغناطيسية قادرة على تغيير مسار الإلكترونات وبذلك التحكم فيها). كل هذا في حجرة فراغ لتجنب تأثير جزيئات الهواء على الالكترونات.

من جهة أخرى هناك حجرة العينة وهي المكان الذي توضع به العينة لفحصها حيث تكون معزولة عن الاهتزازات لأن المجهر جد حساس للحركة لذلك نجده في معظم الأحيان مثبتا في الطابق الأرضي للمختبر. و بداخلها مستشعر يكشف عن كيفية تفاعل الإلكترونات والعينة ومستشعر آخر يسجل حركة الإلكترونات الثانوية المنبعثة من سطح  العينة، وتوجد أيضا مستشعرات للأشعة السينية تسمح للعلماء بالحصول على معلومات حول تركيبة العينة.

يعطي المجهر صورة ثلاثية الأبعاد عن العينة بأدق التفاصيل.باصطدام الإلكترونات مع السطح تتحرر إلكترونات أخرى تسمى “الثانوية” يتم جذبها بواسطة مستشعر خاص وحسب عدد هذه الأخيرة يرسم المستشعر مستويات مختلفة السطوع على الشاشة. لا يمكن أن تتم هذه المرحلة إلا عن طريق التحكم في حركة الإلكترونات باستعمال لفائف مغناطيسية فإذا أردنا الحصول على صورة أكبر يتم توجيه الحزم الإلكترونية لتحليل منطقة أصغر من العينة.

صور ملتقطة بواسطة كاميرا المجهر الإلكتروني الماسح :

صورة لنملة

قطعة من الرخام

نسيج من الحرير

يستعمل المجهر الإلكتروني الماسح في العادة من أجل  الحصول على صور عالية الدقة للعينات، معرفة الشكل الخارجي، البنية البلورية، التركيبة الكيميائية، وتوزيع المواد المكونة للعينة. لذلك يعد المجهر الإلكتروني الماسح أداة لا غنى عنها في العديد من المجالات التي تتطلب توصيفا دقيقا للمواد الصلبة، سواء تعلق الأمر بالتطبيقات العلمية أو الصناعية، كما يعتبر التعامل مع هذا الجهاز سهلا نسبيا، ويمكن تحصيل البيانات في وقت وجيز لا يتعدى خمس دقائق.

المصادر: 1 ، 2 ، 3

الصور: 4 ، 5،  6


الكاتب: رضوان فريد
المدقق اللغوي: رشيد لعناني