image_pdfimage_print

منذ نشر أول تقرير حول الالتهاب الرئوي الجديد (Covid-19) بووهان بالصين، بدأ نقاش واسع حول مصدر الفيروس المسبب له (SARS-COV-2). أصبحت الإصابات بهذا الفيروس عالمية الآن، وإلى غاية كتابة هذا المقال، عدد المصابين في العالم تجاوز 196 ألف حالة في أكثر من 159 دولة مع أكثر من 7 آلاف حالة وفاة. 

يعتبر (SARS-COV-2) سابع فيروس ينتمي لعائلة الكورونا التي تصيب البشر؛ يوجد كذلك (MERS-CoV)، (SARS-COV) و(SARS-COV-2) والتي تؤدي إلى أعراض مميتة. في حين ترتبط (HKU1)، (NL63 ) (229E) و (OC43) بأعراض خفيفة. في هذا المقال نستعرض لكم ما يمكن استنتاجه عن أصل الفيروس عن طريق مقارنة البيانات الجينية وذلك بالرجوع إلى ورقة بحثية نشرت حديثا في المجلة المرموقة نايتشر.

صورة توضيحية للتغيرات التي طرأت على فيروس كورونا المستجد للجين المسؤول عن بروتين الإلتصاق بالخلايا مقارنة مع فيروسات أخرى.

صورة توضيحية للتغيرات التي طرأت على فيروس كورونا المستجد للجين المسؤول عن بروتين الإلتصاق بالخلايا مقارنة مع فيروسات أخرى.

يقدم المقال منظوراً حول السمات البارزة لجينوم SARS-CoV-2 ويناقش السيناريوهات التي مكنت من نشأته قبل أن يخلص إلى أن SARS-CoV-2 ليس بناءًا معمليًا أو فيروسًا تم التلاعب به عن قصد.

السمات البارزة للفيروس:

حددت المقارنات بين مجموعة فيروسات كورونا ‘أَلْفَا’ و’بِيتَا’، اثنين من السمات البارزة بالاعتماد على الدراسات الجينية والبيوكيميائية. يبدو أن الفيروس قد تحسن لكي يستطيع الإرتباط على بروتينات ‘ACE2’ في خلايا الإنسان عن طريق بروتين الفيروس ‘Spike Protein’ والذي أصبح لديه إنقسام متعدد الوظائف وذلك عن طريق إدخال 12 نيكليوتيدا جديدا .

 الطفرات في مجال ربط المستقبلات ‘RBD’ لدى  Sars-cov-2:

يعتبر بروتين ‘RBD’ البروتين الفيروسي الأكثر تغيرا في جينوم الفيروس. حيث أبانت ستة أحماض أمينية به على أهميتها في ارتباط هذا الأخير بمستقبلات ‘ACE2’ وبتحديد المستضيفين لدى فيروس ‘Sars-cov-2’. خمسة منها تختلف بين فيروسي ‘Sars-Cov’ و’Sars-cov-2′. وقد أُثبِت ذلك عن طريق الدراسات الهيكلية والبيوكيميائية، مما أبان على ان ‘RDB’ يرتبط بشكل وثيق جدا بالمستقبلات لدى الإنسان وحيوانات أخرى كالنمس والقطط وأنواع لها تجانس مع المستقبِل. 

يُعَدُّ الإرتباط العالي لبروتين الفيروس مع البروتين الموجود في خلايا الإنسان نتيجة للانتقاء الطبيعي بشكل كبير، والذي سمح بارتباط هذين الأخيرين؛ وهذا دليل قوي على انا فيروس ‘Sars-cov-2’ لم ينتج عن طريق تلاعبات مخبرية. 

نظريات حول أصل الفيروس: 

من غير المحتمل أن يكون الفيروس قد ظهر من خلال المعالجة المختبرية لفيروس تاجي شبيه به. علاوة على ذلك، إذا كان هناك تلاعب جيني، فمن المحتمل أن يكون قد تم استخدام أحد الأنظمة الجينية العكسية المتاحة لفيروسات كورونا ال’بيتا’. ومع ذلك، تُظهر البيانات الجينية بشكل لا يمكن دحضه أن ‘Sars-Cov-2’ غير مشتق من أي هيكل للفيروسات المستخدمة سابقًا. بدلاً من ذلك، تقترح الدراسة سيناريوهين يمكن أن يفسِّرا بشكل معقول أصل الفيروس:

  1. الانتقاء الطبيعي في الحيوانات المضيفة قبل إنتقاله

علما أن أغلب الحالات المصابة بمرض ‘Covid19’ كان مركزها سوق هونان بووهان بالصين، فإنه من الممكن أن مصدره الحيواني الأول كان موجودا هناك. ونظراً للتشابه الكبير بين ‘Sars-cov’ و ‘Sars-Cov-2’. فمن المرجح أن الخفافيش (Rhinolophus affinis)  إستُعْمِلت كخزان لهذه الفيروسات.

يحتوي آكل النمل الحرشفي سوندا (Manis javanica) المستورد بشكل غير قانوني إلى مقاطعة قوانغدونغ على فيروسات من عائلة الكورونا مشابهة ل ‘Sars-Cov-2’.

وعلى الرغم من أن الخفافيش تبقى الأقرب من ناحية التشابه القوي في الجينوم، فإن آكل النمل الحرشفي سنودا يبين تشابها أقوى ولا سيما في جين ‘RBD’ وذلك في الستة أحماض أمينية مما يدل على أن البروتين المحسن لالتصاق الفيروس بال ‘ACE2’ لدى الإنسان كان نتيجة الإنتخاب الطبيعي. 

  1. الانتقاء الطبيعي عند البشر بعد انتقال المرض من الحيوانات

من المحتمل أن سلف ‘Sars-Cov-2’ قفز إلى البشر، واكتسب السمات الجينومية الموصوفة أعلاه من خلال التكيف أثناء انتقاله من إنسان إلى آخر مما مكن هذه التعديلات من بدأ تفشي الوباء.

كل فيروسات ‘Sars-cov-2’ التي تم تسلسل خبرها الوراثي تَبَيَّنَ أنها مشتقة من نفس السلف المشترك والذي احتوى نفس الخبر. تشابه ‘RBD’ لدى آكل النمل الحرشفي سوندا وفيروس ‘Sars-cov-2’، يعني أن هناك احتمالا كبيرا من الإصابة عن طريق هذا الحيوان، مما أدى إلى تغير في جينوم الفيروس اثناء تواجده في جسم الإنسان. 

  1. الإنتقاء أثناء مروره عبر الخلايا

البحوث الأساسية حول مرور فيروسات السارس في زراعة الخلايا والحيوانات موجودة منذ مدة طويلة داخل المختبرات في أنحاء العالم، لذلك وجب البحث في إمكانية خروج ‘Sars-Cov-2’ منها.

نظريا يمكن للفيروس أن يحصل على طفرات في ‘RBD’ أثناء مروره عبر الخلايا المخبرية. لكن وجود نتائج لفيروسات الكورونا لها ‘RBD’ مشابهة لتلك التي لدى ‘Manis javanica‘ وَفَّرَ تفسيرًا أقوى لكيفية اكتساب فيروس ‘Sars-Cov-2’ لهذه الطفرات.

 في خضم حالة الطوارئ العالمية للصحة العامة بسبب  ‘Covid19’، من المنطقي التساؤل عن سبب نشأة الجائحة. إن الفهم التفصيلي لكيفية انتقال الفيروس وإصابة البشر يساعد في الوقاية من الأحداث المستقبلية وظهور أوبئة مشابهة. 

المصدر نايتشر  ECOHEALTH ALLIANCE

التدقيق اللغوي: د. يوسف الأمين


الكاتب: نبيل رضوان