مباشرة بعد كثرة الطلب عليه، بدأ الإنتاج إذن، والمصدر الوحيد المتوفر هو البنكرياس الحيواني، حيث شكلت الخنازير والأبقار مصدره الأساس في البداية لتغطية الطلب المتزايد. فماذا بعد؟
لم تتوقف تحسينات إنتاجه، فصار الانسولين المنتج أكثر نقاوة (خلوا من الشوائب)، ليطفو إلى السطح مشكل مفعوله السريع في خفض تركيز سكر الغليكوز في الدم، وبالتالي الحاجة إلى حقن آنية ومتكررة. في حقيقة الأمر لم يكن هذا هو الإشكال الوحيد، بل إن قياس الأنسولين الدموي بيَّن أنه يصل إلى ذروته بسرعة، لينتج عنه المفعول السريع، ثم يختفي من الدم بسرعة أيضا، لينتج عنه مبيان بقمة حادة.
جاءت سنة 1936 ليحل كلا الإشكالين الدانمركي هانز كريستيان هجدورن، بمساعدة نورمان دجنسن وإنغر وودستراب، وذلك بتسجيلهم براءة اختراع بأول أنسولين طويل المفعول. تتلخص التقنية بإضافة بروتامين –عبارة عن قطع بروتينية صغيرة- إلى الأنسولين، الذي بلوره بعد ذلك كل من روزنبرغ وكراينبول. بهذه الطريقة يصير تحريره في الدم تدريجيا ليشكل الأنسولين طويل الأمد أو أنسولينNPH الخيار المناسب على مدى العقود الماضية.
يوجد بين الأنسولين السريع، وطويل المفعول نوع ثالث، ليس إلا مزجا للاثنين، بنسب مختلفة بحسب الحاجة، بحيث يوفر السريع المفعول المباشر بعد الوجبات، وتشكل بلورات الأنسولين NPH الخزان الذي يوفر للجسم حاجته منه على مدى عدة ساعات أخرى قد تصل إلى 24 أو تزيد.
<<السابق سلسلة: “في أثر الأنسولين” التالي>>
الكاتب:
المدقق اللغوي: