من الطبيعي اليوم أن تجد مطبخنا غنيا بأواني طبخ حديثة، تتماشى مع التطور الصناعي الذي نشهده والذي يعمل على توفير أرخص تكلفة، وأكبر إنتاج، وأسهل تنظيف، فلهذه الأسباب غزا الألمنيوم بيوتنا، لكن هل استعمالنا لأواني الألمنيوم أو لورق الألمنيوم أثناء عملية الطهي يقلل من جودة الطعام؟ بعبارة أخرى هل من خطورة على سلامة صحتنا؟
كشفت دراسة قامت بها الدكتورة غادة بسيوني الأستاذة المساعدة بقسم الفيزياء والرياضيات الهندسية، ورئيسة شعبة الكيمياء بكلية الهندسة جامعة عين شمس، على أن تغليف الأغذية بورق الألمنيوم أثناء عملية الطهي من شأنه أن يوفر ظروف انتقال أو تسريب الألمنيوم للطعام بشكل يتعدى الحد الذي تسمح به منظمة الصحة العالمية. نشرت نتائج الدراسة على الدورية الدولية للعلوم الكهروكيميائية.
تؤكد الدكتورة خلال فعاليات الدورة الأولى لمنتدى “أينشتاين القادم2016” بقارة إفريقيا على أن الاهتمام بسلامة غذاءنا من أولوياتنا جميعا؛ علينا أن نكون أكثر حرصا في الحفاظ على صحتنا.
يفرز جسم الإنسان كميات صغيرة من الألومنيوم، مما يجعل التعرض لكميات ضئيلة من الألمنيوم لا يمثل أية إشكالية، فمنظمة الصحة العالمية أقرت أن الاستهلاك اليومي الآمن هو 40 ملغرام لكل كيلغرام من وزن الجسم أي على سبيل المثال شخص يزن 60 كيلغرام، الكمية المسموح له بها هي 2400 ملغرام. لكن للأسف معظم الناس يتعرضون لأكثر من هذه القيمة المحددة للسلامة، فنجد الألمنيوم في الذرة، والجبن الأصفر والملح، والأعشاب، والتوابل، والشاي، وفي تركيبة بعض المواد الدوائية كمضادات الحموضة ومضادات العرق، بل يستعمل كبريتات الألمنيوم كمادة مخترة خلال عملية تنقية المياه الصالحة للشرب.
عمل باحثون على دراسات تكشف عن مدى خطورة التعرض المفرط للألمنيوم وتأثيره على صحة الفرد، فقد كشفت نتائج دراسة نشرت بالدورية الدولية لمرض الزهايمر عن تركيزات عالية للألمنيوم في أنسجة دماغ مرضى الزهايمر، كما عملت دراسة أخرى بفحص مجموعة من كبار السن الذين يعانون من مرض الزهايمر، أكدت نتائجها أن هذا المرض حديث العهد ناتج عن التطور الصناعي الذي شهدته ظروف المعيشة، والذي ساهم في الرفع من مستويات الألمنيوم اليومية. كما يمكن أن تؤثر سلبا على مرضى العظام والقصور الكلوي، كما تقلل من معدل نمو خلايا الدماغ.
استنادا إلى كل هذه المخاطر المؤكدة فمن المهم تحديد تركيز الألمنيوم أثناء الطهي، فأواني الطهي تميل إلى التأكسد فتتكون طبقة غير فعالة مما يقي الأطعمة من تسرب الألمنيوم. لكن بعد الطبخ تفرك تلك الطبقة مما يتلفها ويسهل انتقال الألمنيوم إلى الطعام، لتفادي ذلك ينصح بغلي الماء مرات عديدة قبل استعمال مقلاة جديدة إلى أن تصبح قاعدتها غير لامعة، فهذه العملية تؤدي إلى أكسدة طبيعية، فرغم أننا نظن أن لمعان الأواني دليل على صفائها ولكن في هذه الحالة العكس صحيح للحفاظ على صحتك.
إن تغليف الطعام بورق الألمنيوم، ووضعه في الفرن يطرح إشكالية كبيرة فتزداد مستويات تسريب الألمنيوم خصوصا الأطعمة الحمضية التي ينتج عنها ذوبان طبقات الألمنيوم داخل الأطعمة كالحامض وعصير الطماطم، والأطعمة التي تحتوي على الكحول والملح والتوابل الحارة، هذا ما أكدته نتائج دراسة الدكتورة غادة بسيوني، التي تنصح بالتخلي عن ورق الألمنيوم عند طهي الطعام، فلا مانع من لف الطعام البارد لكن ليس لفترات طويلة لتاريخ صلاحيته و أيضا لاحتوائه على توابل يمكنها تسريب الألمنيوم إلى الطعام، وتوصينا باستخدام أواني زجاجية أو خزفية خصوصا عند إعداد الأطباق المشوية.
إن الوقاية خير من العلاج فمن الأفضل عدم استعمال ورق الألمنيوم في لف الأطعمة سواء في درجات حرارة منخفضة أو مرتفعة؛ التخلي عن مثل هذه العادات المضرة لن يكلفنا سوى قرارا حاسما من أجل سلامة غذائنا، والحفاظ على أعز ما نملك: صحتنا.
الدورية الدولية للعلوم الكهروكيميائية.
الكاتب:
المدقق اللغوي: