image_pdfimage_print

سنة 1907، في الوقت الذي كان فيه آينشتاين يحضر مقالا حول النسبية، أعاد التفكير في ظاهرة السقوط الحر. فكر في أن شخصا في سقوط حر من أعلى سقف، لن يشعر البتة بوزنه.  كما لو أن تأثير الجاذبية قد اختفى. و لو كانت بيده كرة و تركها أثناء سقوطه، لصاحبته دون أن تسبقه أو يسبقها، في حالة من السكون الظاهري.

ولكن إلى حد الآن لم يأت عالمنا بجديد. فأصول الظاهرة تعود للقرن 16 مع العالم غاليليو الذي أبرز من خلال تجربته الشهيرة، أن الأجسام تسقط بنفس التسارع كيفما كانت كتلتها. ففي غياب تأثير الهواء، أي باعتبار مفعول الجاذبية فقط، ستصل كرة حديدية و ريشة إلى سطح الأرض في نفس الوقت.

لكن المهم هنا هو كون هذه الظاهرة البسيطة تعد الشرارة الأولى التي دفعت آينشتاين لفهم عمق و جوهر الجاذبية، عكس الذين سبقوه. فإذا كانت كل الأجسام تسقط بنفس التسارع ( نذكر أن التسارع هو تغير السرعة عبر الزمن)، فهذا راجع لكون التسارع و الجاذبية يمثلان وجهين لعملة واحدة. من أجل إبراز هذه الفكرة، تخيل عالمنا مصعدا تائها في الفضاء، بعيدا عن أي مجال للجاذبية ، و في داخله يوجد شخص يطفو على غرار رواد الفضاء الذين نشاهدهم عبر مختلف القنوات. تنبه آلبرت إلى أنه فور تسريع المصعد نحو الأعلى ، سيتحرك الشخص بشكل ظاهري نحو الجهة المعاكسة ليظل مثبتا بأرضية المصعد، كما لو كان في مجال للجاذبية. و إذا ما افترضنا أن المصعد بدون نوافذ، فآنذاك لن يستطيع أن يميز ما إذا كان تسارع المصدع أم مفعول الجاذبية وراء ما يحدث. لقد توصل آينشتاين لأسعد فكرة في حياته، كما عبر عن ذلك بذاته.Spacetime_curvature

مكن هذا المبدأ، والمشهور باسم مبدأ التكافؤ، من التوصل إلى أن الجاذبية ليست قوة في جوهرها. فكون الأجسام تسقط بنفس التسارع كيف ما كانت كتلها ، يدل حسب آينشتاين على أن مساراتها لا تتعلق سوى بمجال الجاذبية، وليس بالطريقة التي تتفاعل معها هذه الأجسام مع هذا المجال. وبناء عليه، توصل إلى أن هذه المسارات غير متعلقة بالأجسام التي تسلكها، فهي مسارات “منحوتة” في الفضاء على غرار الأنهار فوق سطح الأرض. بصيغة أخرى، وعلى ضوء ما سبق، لا تعد الجاذبية قوة، بل خاصية تميز الفضاء. فالأرض مثلا لا تخلق تجاذبا كونيا بل تقارب مسقرات السقوط الحر نحو مركزها، بفعل كتلتها الهائلة.


الكاتب: سعيد الفراشي