تجدر الإشارة في البداية إلى أن “مفعول النسبية” المتمثل على سبيل المثال لا الحصر، في تمدد الزمن و تقلص الطول، لايتجسد إلا عند بلوغ سرعات قريبة من سرعة الضوء. و بمعنى آخر، فالسرعات العادية التي تعودنا عليها في حياتنا اليومية، توافق معادلات “آينشتاين” معادلات “نيوتن”. و بناء عليه، فالنسبية الخاصة لا تحطم أو تنفي معادلات نيوتن، بل تعيد صياغتها لتشمل سرعات كبيرة جدا مقاربة لسرعة الضوء.
في خريف 1905، كان آينشتاين يترقب بتوتر تفاعل العلماء مع ثورته، إذ كان ينتظر معارضة جامحة حيال أفكاره الجديدة. و لكن بعد سنة فقط، بدأ العالم الكبير “ماكس بلانك” (1858-1947) بالاهتمام بأعماله كما انكب علماء آخرون على دراستها و تطوير محتواها. و بناء عليه، ظهر مفهوم (الزمكان) على يد عالم الرياضيات الكبير “مينكوفسكي” (1864-1909). فكثير من يظن أن مفهوم الزمكان صيغ من طرف آينشتاين و هذا خطأ شائع !
من كان يظن أن أستاذ آينشتاين السابق و الذي كان لا يكف عن نعته بالكسلان، سيساهم في خلق مفهوم هو الأكثر استعمالا عند ذكر النظرية. بالنسبة لمينكوفسكي، فصل الزمن والمكان سيؤدي لاختفائهما كالخيال. الشيء الذي أنتج مفهوم الزمكان الذي عوض الفضاء التقليدي النيوتوني الثلاثي البعد، بفضاء رباعي البعد (3 أبعاد للمكان و بعد للزمن). هكذا يكون مينكوفسكي قد صاغ نظرية النسبية الخاصة بطريقة ستساهم بشكل كبير في تقبلها و فهمها.
ما بين عامي 1905 و 1907، ألهمت نظرية النسبية الخاصة آينشتاين للتوصل الى نتيجة تعد الأهم في نظره. فقد كتب لأحد أصدقائه قائلا : “توصلت فجأة إلى أن دمج مبدأ النسبية ومعادلات الفيزياء الكهرومغناطيسية يجعل من الكتلة مقياسا مباشرا للطاقة التي تحويها”. وبناء عليه، ظهرت المعادلة الشهيرة (الطاقة = الكتلة . سرعة الضوء²) التي جعلت من الكتلة و الطاقة وجهين لعملة واحدة. هاته المعادلة تعني أن كتلا صغيرة جدا تخزن طاقة هائلة، و هذا ما تجسد مع اكتشاف النشاط الإشعاعي و من ثم القنابل النووية الفتاكة.
المصدر : مجلة Science et avenir العدد 180 : يناير-فبراير 2015
الكاتب:
المدقق اللغوي: