image_pdfimage_print

أنجز علماء من جامعة برستول و كيمبردج، الاسترداد الثلاثي البعد لجمجمة كائن قريب من أسلاف الفقريات الأرضية عاشت منذ ما يقارب 360 مليون سنة وهو الاسترداد الأول من نوعه.

Image of a 3D model of Acanthostega gunnari showing the complete skull on top with ‘exploded’ views of the upper and lower jaws below

نموذج ثلاثي البعد، يظهر الجمجمة كليا بشكل أفضل، مع تفصيل للفكين العلوي و السفلي.

credit : Dr Laura Porro

تختلف نماذج ثلاثية البعد للجماجم عن النماذج الثنائية المنجزة من قبل، حيث بيَّن الاسترداد الجديد أن هذه الكائنات عاشت أساسا في بيئات مائية قليلة العمق، و ليست مثل التماسيح الحالية كما كان معتقدا من قبل.

استعمل الباحثون تقنية التصوير المقطعي بأشعة- X العالية الدقة، لمسح العديد من عينات نوع “Acanthostega gunnari”، وهو من الفقريات ذات أربع قوائم المعروفة برباعيات الأرجل التي غزت الأرض منذ حوالي 360-إلى 380 مليون سنة وهي واحدة من أكبر المراحل التطورية. وقد تطورت رباعيات الأرجل انطلاقا من الأسماك ذات الزعانف المفصصة “lobe-finned fishes” التي تُظهر العديد من مقومات التكيف المساعدة للعيش على اليابسة.

تكتسي  مستحاثة النوع “Acanthostega gunnari، أهمية بالغة لفهم تشريح رباعيات الأرجل و وسط عيشها. بالمقابل تضررت أغلب مستحاثات كائنات اليابسة و تشوهت عبر ملايين السنين، وبذلك لم تُحفظ جمجمة كاملة ل”Acanthostega “، وهو ما ينقص العلماء لفهم كيفية تغذية و تنفس هذه الكائنات لحد الآن.

قام الباحثون من جامعة برستول وكيمبردج، بفضل برمجية معلوماتية خاصة، بتحضير عينات رقمية من “Acanthostega” انطلاقا من عينات جُمعت في شرق جرينلاند، و لاحظوا وجود بعض العظام العميقة بالجمجمة، مما أعطى وصفا دقيقا لجمجمة هذا الكائن.

اشتغل الباحثون على عزل كل العظام  والأسنان عن بعضها البعض رقميّا، بالإضافة إلى معالجة الشقوق وتعويض العناصر المفقودة. مم سهل ملاحظة العظام في الفضاء (3ابعاد) و دراستها باستعمال معلومات مقتبسة من عينات أخرى، حيث جُمعت العظام و ركّبت مثل قطع لعبة (أحجية الصور المقطوعة) ” puzzle ” لإنتاج أول استرداد ثلاثي البعد لجمجمة” Acanthostega” الذي أظهر نتائج مبهرة.

تقول الدكتورة لورا بورو من الكلية الملكية للطب البيطري: “يفيد الاسترداد الذي أنجزناه أن جمجمة “Acanthostega”كانت كبيرة و ضيقة شيئا ما، و تشبه إلى حد كبير جمجمة التمساح الحديث”.

كما وجد الباحثون مؤشرات على الكيفية التي كان يتغذى بها هذا الكائن، و يدل حجم الأسنان و توزيعها ، وشكل مفاصل العظام الجمجمة أن أفراد نوع “Acanthostega” تقوم بالقبض على الفريسة بمقدمة فكيه وباستعمال أنيابه الأمامية الكبيرة، بينما يلعب الفك السفلي دور المقبض.

أما إميلي رايفلد عضو فريق الدراسة فتقول: “أعطت التحليلات الجديدة مؤشرات حديثة على تطور الفكوك و النظام الغذائي عند الكائنات البدائية ذات الأطراف و الأصابع التي كانت مسيطرة على اليابسة”. و يأمل الباحثون بتطبيق هذه التقنيات على مستحاثات أخرى لرباعيات الأرجل لفهم كيف تغيرت عظام هذه الحيوانات و أسنانها لتستجيب لتحديات العيش فوق اليابسة.

ستُفيد نماذج المستحاثات الأصلية و الاسترداد الثلاثي البعد في البحث العلمي و التعليم، حيث ستكون متاحة للباحثين عبر العالم، بدون الخوف على ضياع قطع المستحاثاث أو تشوهها أثناء نقلها و دون سفر العلماء لمسافات طويلة لمعاينة القطع الأصلية، علاوة على ذلك ستمكن النماذج والطابعات ثلاثية الأبعاد، الطلاب، من إنتاج نماذج سليمة و بكل سهولة، و تبسيط الشرح للعموم خلال الفعاليات العلمية.

نشرت نتائج الدراسة في دورية بلوس وان.

المصدر: جامعة بريستول

 


الكاتب: موسى ايت القاضي
المدقق اللغوي: الحسن طالبي