من المحتمل أن يكون فهم خصائص مادة “الغرافين” أحد أهم المفاتيح الأساسية للثورة “النانوتكنولوجية” ، وهذا ما يمكن أن يفَسرَ التنافس الشديد بين مختلف الأقطاب العلمية العالمية حول التسابق نحو كشف خبايا و أسرار هذه المادة المثيرة للاهتمام، حيث إنه، مؤخراَ، قامت مجموعة من العلماء من جامعة “بِنسِلفاني”، بمعية آخرين من بلجيكا و كوريا، بنشر مقال عن هذه المادة على “NANO LATTERS” ، American Chemical Society “.
كما أن أروبا، على سبيل المثال، خصصت قرابة المليار أورو لتمويل الأبحاث العلمية على مادة “الغرافين”. و هذه المادة، التي يصفها البعض بالمعجزة ، تمتلك خصائص مذهلة تجعل منها مادة مثيرة للاهتمام بالنسبة للعديد من التطبيقات، فهي مادة شفافة بالغة الرقة، وتمتاز بمرونة عالية وقوة فائقة، وذات أبعاد صغيرة جداَ.
يعتبر “الغرافين” شكلا من أشكال الكربون، وهو من المواد الواعدة في مجال المادة، إذ يمتلك خصائص فريدة مقارنة بباقي المواد. فهو يتفوق على النحاس في قدرته على التوصيل الكهربائي فيما تَفُوق قدرته على توصيل الحرارة مواد أخرى. ويعد “الغرافين” أقل المواد سماكة وأشدها قوة. و لهذا يمكن اعتباره منافسا قويا للسليسيوم. وهو أيضا مادة شفافة عالية الكثافة، تتألف من شبكة من ذرات الكربون ثنائية الأبعاد، لها شكل سداسي مشابه نوعا ما لبيوت النحل المتراصة، وهو يعد وحدة البناء الأساسية لمادة “الغرافيت” (إذ إنه يتم استخراج مادة “الغرافين” من “الغرافيت”).
يمكن استخدام “الغرافين” لشفافيته في تصنيع شاشات اللمس ولوحات الإنارة والخلايا الضوئية، كما يمكن الاستفادة منه في صناعة مجسات الغاز والإليكترونيات ذات المرونة العالية والقابلة للطي، مما يعطي حظوظا قوية لإمكانية إخراج “هاتف مورف” – الذي تطمح إليه شركة “نوكيا العالمية” – إلى أرض الواقع .
يبحث علماء الفيزياء حاليا عن إجابة علمية لهذا السؤال “كيف تتصرف ورقة “الغرافين”
عندما يجتازها تيار كهربائي، مع تغيير شكل أطرافها (حوافها) في كل مرة؟”
استغل الباحثون أحدث التقنيات التي توصلت إليها المجاهير الإلكترونية فيما يخص تصحيح الانحرافات الكروية “spherical aberration”، مما سيمكنهم من الحصول على صور دقيقة جدا تسمح برؤية البنية “النانومترية” لمادة “الغرافين” عن كثب .
إليكم تفاصيل التجربة..
في البداية يتم إخضاع “أشرطة النانو” (nanoribbons) – هي عبارة عن شرائط دقيقة جدا (حوالي 50 نانومتر في العرض)- لمادة “الغرافين” لتيار كهربائي ذي شدة ضعيفة، ويتم قذفها بحزمة إليكترونية ذات قطر صغير نوعا ما. بعد ذلك تتم الزيادة تدريجيا في الشدة و في حجم الحزمة الإليكترونية، إلى أن نصل إلى مرحلة يبدأ فيها هيكل أشرطة النانو بالتدهور، وهنا بالضبط يتدخل المجربون لتقييم مقاومة “الغرافين” لهذا التدهور بغية التمكن من تحديد الخصائص الموصلية لهذه المادة المعجزة والكفيلة بإحداث نقلة نوعية في مجال الإلكترونيك.
الكاتب:
المدقق اللغوي:
