يعاني حوالي 30000 شخصا في المغرب من مرض الارتعاش الهزازي، المعروف علميا بمرض “باركينسون”، و شعبيا بمرض “بوتفتاف”، أغلبهم من الأشخاص المتقدمين في السن. و تسجل 4000 حالة جديدة سنويا.
مرض “باركينسون”، مرض يؤدي الى ظهور مشاكل حركية تتضمن رعشة الأيادي و الأطراف و الأذرع و السيقان، إضافة إلى تصلب الأطراف و الجذع و تباطؤ في الحركة، و العجز عن القيام بأبسط المهام، و مشاكل في التحدث و المشي. أكدت دراسات سابقا أنه توجد تسع جينات تؤدي إلى ظهور أنماط نادرة من مرض “باركينسون”، إلا أن هذه الدراسة كشفت عن عوامل جينية أخرى، لتكتمل صورة الجينات المسؤولة عن المرض.
و قد تمكن العلماء أخيرا من التعرف على أزيد من 12 عاملا وراثيا مسؤولا عن ظهور مرض (Parkinson)، من بينها ستة عوامل لم تكن معروفة سابقا، بناء على نتائج الدراسة التي نشرت على مجلة (Nature genetics)، بتمويل من (National Institutes of Health)، المعروف اختصارا ب (NIH)، وقام بقيادتها علماء من مختبرات (NIH)، بعد جمع معطيات من 18 ألف مريض.
الكاتب الرئيسي لهذه الدراسة “أندرو سنجلتون”، وهو باحث بالـ (NIH)، يقول: “يعتبر كشف العوامل الوراثية المتعلقة بمرض “باركينسون” أمرا ضروريا لفهم العوامل المعقدة المسؤولة عن هذا المرض. ونأمل أن نتمكن يوما من الوصول إلى علاجات فعالة”.
بعد جمع بيانات حوالي 13708 شخصا مريضا و 95282 شخصا سليما كلهم من عرق أوروبي، قاموا بدمج البيانات المستخلصة من “جينوم” هؤلاء الأشخاص مع البيانات المستخلصة من دراسات سابقة على الجينوم بصفة عامة، مما مكنهم من إيجاد متغيرات مشتركة بين “جينوم” المرضى.
و بينت الدراسة أنه كلما زاد عدد المتغيرات في “الجينوم”، كلما تضاعف خطر الإصابة بالمرض. كما تعرف على العوامل والمتغيرات التي يمكن أن تكون عوامل خطر تزيد من فرص تعرض الشخص لمرض “باركينسون”.
وقد جمعت الدراسة مجموعة كبيرة من الباحثين العالميين المهتمين بأمراض التقدم في السن. وتقول “مارجيت ساترلوند”، مديرة برنامج الـ (National Institute of Neurological Disorders and Stroke): “ميزة البحوث المشتركة تتضح في التعاون في التعرف على المسارات و الشبكات الجينية التي قد تساهم في زيادة فهمنا لمرض “باركينسون””. و للحصول على هذه البيانات تعاون عدة باحثين من عدة مؤسسات عالمية، و منها وزارة الدفاع الأمريكية ومؤسسة (23andME, Michael J. Fox)، ومنظمات أخرى.
وقد تم تأكيد البيانات المحصل عليها في عينة أخرى من المتطوعين، تحتوي على 5353 شخصا مصابا و 5551 فردا معافى من المرض. باستخدام تقنية (NeuroX)، التي تعتمد على رقاقة جينية لمقارنة المناطق الجينية، أكد الباحثون وجود 24 متغيرا مسؤولا عن خطر الإصابة بالمرض، منها 6 لم تكن معروفة من قبل. تحتوي رقاقة (NeuroX) على شفرات حوالي 24000 متغير مسؤول عن أمراض عصبية متعددة.
يقول الدكتور “ساثرلاند”: “نجحت رقاقة (NeuroX) في فك رموز المتغيرات المسؤولة عن الأمراض العصبية”، ويضيف: “تسمح هذه التقنية، ذات التكنولوجية العالية، بالكشف عن العوامل المتغيرة التي تؤدي إلى الأمراض العصبية بدقة، بما يشبه العثور على إبرة في كومة قش، مما يؤدي في النهاية إلى إمكانية العلاج عن طريق استهداف الجينات المسؤولة”.
و يرجع سبب المرض إلى نقص حاد في الناقل العصبي “الدوبامين” المسؤول عن نقل السيالة العصبية بين الخلايا العصبية، مما يولد اضطرابات في نقل الرسائل العصبية المتحكمة في حركة الجسم. و مكنت هذه الدراسة من الكشف عن الجينات المسؤولة عن هذا النقص. أما الإفراط في “الدوبامين” فيؤدي إلى إفراط في نقل السيالات بين الخلايا العصبية، الشيء الذي يؤدي إلى ظهور مرض انفصام الشخصية. فهل تكون نفس الجينات هي المسؤولة أيضا؟
ترجمة و إعداد: خالد اتخشي
التدقيق اللغوي: علي توعدي
الكاتب: