image_pdfimage_print

تطرقنا في المقالات السابقة عن بعض مظاهر ٱستفادة الغرب من المعرفة الإسلامية من خلال ترجمة بعض مؤلفات العلماء المسلمين، مما ساهم في بناء معارف جديدة بناء على ما حققوه و ٱكثفوه من ذي قبل. و الحقيقة أن هذا الإنتقال لم يكن مقتصرا فقطعلى العلوم الطبيعية كالفيزياء و الكيمياء و الرياضيات و علم الفلك، بل تعداه أيضا إلى الهندسة و الحرف و التقنية (الكيميائية على سبيل المثال).
فقد كانت أوروبا القروسطية القديمة تعاني من نقص حاد و عجز تام إلى حرفيين في مجالات مختلفة كالصباغة و صناعة المواد و الأدوات المعدنية و الحلي و غيرها. فعلى سبيل المثال، كانت التقنية الكيميائية عبارة عن تقليد مستمر لتقنيات طورت في العصور القديمة و ثم تداولها خلال العصور الكلاسيكية إلى العصور الوسطى فصاعدا، و لكن المحاولات المستمرة للتطوير أدت إلى ظهور أفكار و تقنيات جديدة، أدت بدورها إلى نشوء الكيمياء العملية.
فخلال العصور المظلمة و بدايات العصور الوسطى، بنيت الأفكار و التقنيات في مجال التقنية الكيميائية على خبرات مستوردة تأثرت بشكل كبير بما تحققف خلال الحظارة البيزنطية. إلا أن ظهور الحضارة الإسلامية كان له تأثير كبير على مسار التقنية الكيميائية في أوروبا، مرورا طبعا بما حققته الخيمياء الإسلامية من عمليات و تحولات خيميائية
من بين هذه الأعمال أيضا، تلك القائمة التي تضم مجموعة من الأدوية و العقارات التي قدمها أبو القاسم الزهراوي المعريف في الغرب باسم البوكاسس Albucasis، الذي خصص جزء ا من كتابه “كتاب التصريه” لتقديم مجموعة من النباتات الطبية و فوائدها العلاجية، العمل الذي ترجم بعدها إلى اللاتينية في القرن الثالت عشر بعنوان “Liber Servitores” و قد دم أيضا العمل وصفا لطرق تحضير مجموعة من العناصر الكيميائية كأكسيد الرصاص، الرصاص الأبيض، كبرتيد الرصاص، زعفران الحديد و مواد أخرى.
إن ندرة التأليف الأوروبي في الحرف قبل القرن الثالث عشر الميلادي تحولت بعدئد إلى وفرة من المؤلفات، حيث تحتوي المكتبات الأوروبية الكبرى على آلاف عديدة من المخطوطات التي يعود تاريخها إلى الفترة بين 1200م و 1500م، حيث المعرفة و الأفكار الإسلامية كانت أحد المصادر التي غزت هذا العلم و علوم أخرى و ساعدته على التطر و الإزدهار. فمن بين الأدلة على هذا التأثير الإيجابي نذكر مثلا غزارة الكلمات العربية الموجودة في المفردات الكيميائية للغات الأوروبية، مثال ذلك ما تحتويه : القالي Alkali، الخيمياء Alchemy، الكحول Alcohol، الإكسير Alexir، النفط Naphtha، و غيرها كثير…

المرجع:

Science and Engineering in the Arab-Islamic civilization, written by Donald R. Hill, world of knowledge .305 in July 2004


الكاتب: محمد ماخا