الضوء هو أصل جميع أشكال الحياة، عبر ظاهرة التركيب الضوئي (Photosynthesis). توفر تكنولوجيا الفوتونات العديد من الأدوات الجديدة للأطباء و الجراحين ، و مكنت التطورات الجديدة في البصريات وعلوم الرؤية من تحسين مستوى الحياة بشكل كبير. و تستخدم التكنولوجيا القائمة على الضوء كل يوم و في شتى مجالات الحياة. ففي التشخيص الطبي مثلا، لم تعد للأطباء أية ذريعة بعدم المعرفة، بل أصبحوا ملزمين بتقديم تشخيص دقيق.
يشير هذا المقال إلى بعض المعلومات التي من شأنها توضيح كيفية تأثير علوم وتقنيات الضوء على الطب وعلى البصر وعلى علوم الحياة بصفة عامة.
إعداد: نايت أجو سميرة / التدقيق اللغوي: علي توعدي.
الضوء في الممارسات الطبية:
إن تعميق الأبحاث في تكنولوجيا الضوء حقق مكاسب جمة للصناعة الطبية، ليس بالمعنى المادي، بل على مستوى الإنجازات المحققة و النتائج المرضية التي تم التوصل إليها. فالتصوير الطبي هي عملية خلق تمثيل ضوئي لأعضاء الجسم، الغاية منه تمكين الأطباء من تشخيص دقيق للمرض. و يلجأ لهذا التصوير عموما في المجالات الطبية مثل علوم الأعصاب وأمراض القلب والطب النفسي و علوم النفس و اللائحة طويلة. و تتباين الاستخدامات بين التصوير المقطعي بالأشعة والرنين المغناطيسي والموجات فوق الصوتية و الأشعة السينية.
و مع اختراع الليزر قبل أزيد من 50 سنة، ازداد دور الضوء في الإجراءات الطبية بشكل جد مهم بزغت معه آفاق علاجية جديدة: فأشعة الليزر بالغة الأهمية خاصة في علاج الأمراض الجلدية وفي طب العيون، وأيضا في طب الأسنان، وذلك بفضل دقتها وارتفاع كثافة الطاقة بها.
وفي الواقع، تستعمل أشعة الليزر على نطاق أوسع وأدق، حيث تتجاوز عند الضرورة الأمراض المألوفة والبادية للعيان لتستخدم في إجراءات أكثر خطورة مثل الأورام، أو على العكس في علاجات تجميلية مثل الوشم ومشاكل الشعر، أو لإزالة وحمة.
وفيما يتعلق بجراحة العيون أو غيرها من العمليات الجراحية، فإن الأطباء يلجؤون الآن أكثر من أي زمن مضى إلى أشعة الليزر، متجاوزين بهذه التقنية الأساليب العلاجية القديمة، أو ما يمكن وصفه بالبدائية مقارنة مع الإمكانات المتاحة بفضل هذه التقنية. وتستعمل مؤخرا أشعة الليزر في التشخيص الطبي، نظرا لخصائصها غير الباضعة. فالتشخيص المتداول والمعتاد مثل معالجة الأنسجة بالأوكسجين أو الكشف المبكر للأورام السرطانية عن طريق التفلور أو النور اللصفي أو الكشف المبكر عن تسوس الأسنان كلها عمليات أصبحت متجاوزة، بل وتم تحسينها بفضل الأجهزة الطبية القائمة أساسا على استعمال الليزر.
علوم الحياة:
لا يمكن البتة الاستغناء عن الضوء في استكشاف أساسيات الحياة و كذا البيئة المحيطة بنا. فمجالات عدة مثل العلوم الفيزيائية والطبيعية تعتمد على تكنولوجيا الضوئيات لاستكشاف عالمنا و فهم أفضل لأساسياته و خباياه.
تضم علوم الفيزياء كلا من علم الفلك والكيمياء وعلوم الأرض. و قد كانت وراء فهمنا لمفاهيم معقدة مثل الجاذبية وأصول الكون والتركيب الجزيئي و الأرصاد الجوية. أما العلوم الطبيعية، فهي من جهتها اهتمت باستكشاف الظواهر الطبيعية و كيفية تنظيم الكون و عمله. وتتفرع العلوم الطبيعية إلى علم الأحياء والكيمياء والفيزياء والفلك و علوم الأرض. و فيما يتعلق بعلوم الأحياء فتعتمد أساسا على علوم الضوء لتعميق الأبحاث حول مفاهيم عدة مثل علم الأحياء الجزيئي.
كل هذه العلوم و مجالات العمل لها قاسم مشترك مهم و هام هو المعدات و الأدوات المستعملة. فقد طُورَت أدوات على أساس تكنولوجيا الضوء. و هي ذائعة الصيت و مستعملة بكثرة في علوم الحياة. فكلاهما (الضوء و الأدوات) يستعملان داخل المختبرات و الفصول الدراسية. فالمجاهر مثلا تستخدم لمعاينة أشياء صغيرة جدا مجهرية يتعذر رؤيتها بالعين المجردة. و في علم الفلك، تستعمل التلسكوبات لدراسة الفضاء و الكون عبر تقريب المسافات و تمكيننا من رؤية الأجسام الطائفة في الفضاء. و التكنولوجيا مثل الكاميرات عالية الدقة و التسليخ المجهري (Microdissection) بالليزر و أيضا المسبار الجزيئي كلها تقنيات تساعد في فهم جيد لبيئتنا الطبيعية. و هذه أمثلة للاستئناس لا للحصر.
البصر:
يقال إن العيون هي مرآة الروح، لكن علم البصريات و الضوئيات هي التي تلعب دورا هاما في دراسة العين و سبر أغوارها.
العلاقة بين الرؤية وعلم البصريات علاقة لا موضع للشك فيها. حيث تستعمل البصريات وتكنولوجيا الفوتونات سوية لتصحيح واختبار الرؤية العادية من الرؤية ذات الخلل. و يضم هذا العمل التكاملي جملة من العمليات، بدءا بالتصحيح العادي للنظر عبر النظارات العادية إلى التصحيح بالليزر والعلاج الضوئي أو زرع الشبكية لتمكين المكفوفين من الإبصار.
ومكنت الأبحاث المقدمة في هذين العلمين (البصريات و الضوئيات) من تطوير أجهزة مبتكرة مثل التصوير المقطعي للتماسك البصري وانحراف الضوء وتقنيات الليزر…إلخ.
و تعتبر كل المعدات و الأدوات سالفة الذكر ثقيلة الوزن و مكلفة ماديا. فأصبحت الحاجة ملحة إلى معدات متنقلة محمولة، و الأهم غير مكلفة، يتمحور استخدامها على التكنولوجيا الذكية. و لهذه المعدات استعمالات عدة من بينها الكشف عن مستويات التلوث في الهواء، أو الكشف عن الملاريا من خلال الدم، أو الكشف عن المواد المسببة للحساسية في الطعام…إلخ.
و من الممكن في مجال الرؤية ابتكار تطبيقات و إضافتها لأجهزة كي يُسَخر الكل في الكشف و تشخيص الأمراض المسببة للعمى.
المصدر: light2015.org
الكاتب: