image_pdfimage_print

تخيل أن تهبط يوما على الأرض مركبة من الفضاء، فيها الملايين من قصاصات الورق المجعدة، عليها نصوص مكتوبة بلغة غير مفهومة. تخيل أن تُكَلّــف أفضل العقول المفكرة على الأرض بمهمة تفسير هذه الرموز المعقدة التي وردت على القصاصات الورقية، بعد مدة زمنية غير يسيرة لنفترض أن لغز هذه الكتابة قد حُــلّ بنجاح، وتُرجمت إلى لغة مقروءة لنتمكن كأشخاص عاديين في النهاية من الجلوس وقراءة هذه الكتابات مجموعةً في كتاب ضخم يسرد قصصا عن ماضي الجنس البشري وحاضره ومستقبله، بدءاً بأصول الحياة ووصولا إلى وصفات طبية لعلاج أمراض العصر.

Vitruvian man

Vitruvian man

يا لها من تخيلات افتراضية مستبعدة الحدوث!

لكنها قد تعكس إلى حد ما واقعنا الحالي فبعد 60 عاما من التحضير يمكننا قراءة قصة المورثات البشرية كاملة …

نعم إنها قصة الجينوم البشري، يقول بروس ألبرتس في مؤلف بعنوان البيولوجيا الخلوية الأساسية: يمكن في المستقبل القريب أن تجلس الأم التي أنجبت حديثا تتأمل مولودها الرضيع وتبدأ في التحقق من سلامة جسده الصغير: ذراعان، رجلان، قدمان، عشرة أصابع في كل من اليدين والقدمين … 46 صبغي، حوالي 20500 مورثة، ثم 3.2 مليار زوج من القواعدة الازوتية.

لفهم قصة الجينوم البشري سنحدثكم هاهنا عن مشروع الجينوم البشري وهو مشروع بحثي بدأ العمل به رسميا في عام 1990 وكان من المخطط له أن يستغرق 15 عاما، لكن التطورات التكنولوجية سرعت العمل به حتى انتهى قبل الموعد المحدد له بسنتين تقريبا. حيث أعلن عن الانتهاء منه بدقة 99,9% وقد توافق ذلك مع الذكرى الخمسين لاكتشاف “واتسون وكريك” لبنية اللولب المضاعف للحمض النووي ناقص أكسجين.

بدأ مشروع الجينوم البشري في الولايات المتحدة بجهد مشترك بين وزارة الطاقة والمعاهد الوطنية للصحة NIH، وقد تمثلت الأهداف المعلنة للمشروع فيما يلي:

  •  التعرف على المورثات التي يحتوي عليها الحمض النووي البشري.
  •  تحديد متتالية القواعد الآزوتية التي تشكل الحمض النووي وعددها 3 مليارات زوج
  •  تخزين هذه المعلومات على قواعد للبيانات.
  •  تطوير الأدوات اللازمة لتحليل البيانات.
  •  دراسة القضايا الأخلاقية والقانونية والاجتماعية التي قد تنتج عن المشروع وهذه من الخصائص التي تميز مشروع الجينوم البشري الأمريكي عن غيره من المشاريع المشابهة في جميع أنحاء العالم.

مع اكتشاف مكنونات وألغاز الجينوم البشري يزداد وضوحُ كونِ العديدِ من الأمراض التي نصاب بها نحن البشر تتأثر بصورة كبيرة بتركيبتنا الوراثية، ومن هنا يمكننا الاستنتاج أن هذه المعرفة المتنامية تمتلك إمكانية طبية هائلة لتحسين جودة وطول أمد الحياة البشرية.

المراجع: 1، 2، 3


الكاتب: نورة أبليق
المدقق اللغوي: مصطفى فاتحي