image_pdfimage_print

في دراسة جديدة نشرت في مجلة “ساينس أدفانسز”، قدم الأستاذ  “كوستافو كايتانو أنوليس” من جامعة “إلينوي” ومعهد “كارل ووز” لعلم الأحياء الوراثي رفقة الطالب “أرشان ناصر“، أدلة جديدة على أن الفيروسات كائنات حية تشارك الخلايا الحية في تاريخ تطوري طويل.

99617_web

حقوق الصورة:  JULIE MCMAHON

يمثل تصنيف الفيروسات لغزا يتحدى العلماء لحد الآن، نظرا للتنوع الكبير للفيروسات وتعدادها المهم، حيث يقدر العلماء عددها بما لا يقل عن مليون نوع، 4900 منها فقط حٌددت هويتها. كما أن 26 فصيلة فقط (من أصل 104) حٌددت الرتبة التي تنتمي إليها، والقرابة التطورية بينها لا تزال غير محددة بدقة. والعديد من العلماء يرون أن الفيروسات لا يمكن تصنيفها ضمن الكائنات الحية، لعدم قدرتها على التكاثر أو تركيب بروتيناتها بنفسها.

إلا أن الفريق المشرف على الدراسة يرى أن ذلك غير كاف لإخراج الفيروسات من شجرة الأحياء، لأن الاعتماد على كائنات أخرى في التكاثر و التغذية سمة منتشرة جدا بين الكائنات الحية، كما أن الفيروسات العملاقة (mimivirus) المكتشفة بداية الألفية تتحدى إلى حد بعيد فهمنا لطبيعة الفيروسات و مدى انفصالها عن عالم الأحياء، حيث إن هذه الفيروسات تمتلك بعض المورثات المختصة بعملية الترجمة (أثناء تركيب البروتينات)، ما ينقض أحد الأعمدة الرئيسية لفرضية انفصال الفيروسات عن شجرة الأحياء.

إلى هذه الأدلة أضافت الدراسة أدلة جديدة، بعد أن سلطت الضوء على بنى بروتينية تدعى ب: “الطّيّات Folds”، تلعب هذه البنى دورا رئيسًا في تشكيل البنية ثلاثية الأبعاد للبروتينات، كما تمتلك شفرة خاصة بها داخل “الجينوم”. ويكمن السر وراء اختيار “الطيات” في ثباتها النسبي، مقارنة مع سائر “الجينوم” الفيروسي الذي يتميز بمعدل تطفري كبير. وبمقارنة هذه الطيات استطاع الفريق إعادة بناء التاريخ التطوري للفيروسات والخلايا الحية معا. وتبين من خلال النتائج أن الفيروسات تشارك الكائنات الخلوية في 442 “طية” فيما تختص ب 66 “طية” لا توجد لدى الخلايا. وهكذا تمكن فريق البحث من تحديد موقع الفيروسات داخل شجرة الأحياء وتحديد القرابة التطورية بينها وبين الكائنات الخلوية. كما تبين من خلال الدراسة أن أجزاء من “الجينوم” الفيروسي لا تستجيب لأي نموذج معروف لدى الخلايا الحية، ما يؤكد قدرة الفيروسات على توليد أشكال جديدة من “الجينوم”.

وفي الخلاصة يرجح فريق البحث أن الفيروسات قد تولدت عن أشكال قديمة من الخلايا، منها ما يحمل “جينوما” مكونا من “RNA”. كما تفترض الدراسة أنه بعد ظهور الحياة الخلوية الحالية، استطاعت الفيروسات تكوين كبسولة بروتينية تمكنها من حماية حمضها النووي، مما سمح لها بالبقاء مدة أطول خارج الخلايا المستقبلة، ومكنها بالتالي من الانتشار بشكل أوسع. وتتشكل هذه الكبسولة بواسطة “الطيات” الستة والستين الخاصة بالفيروسات. كما أن التطور المستمر لهذه الكبسولات جعل الفيروسات أكثر خطورة وأكثر قدرة على مهاجمة الخلايا بشكل متزايد.

المصدر: ساينس


الكاتب: عبد الخالق المصلح
المدقق اللغوي: علي توعدي