تعرفنا في المقالات السابقة على مصدر القمر و أصله1، و على سبب دوران القمر حول الأرض2، و على إحدى تجليات تأثير القمر على الأرض : المد و الجزر3. أما في المقالة التالية فسنتعرف على الكيفية التي تم بها قياس المسافة بين الأرض و القمر.
إعداد : محمد الخمري تدقيق لغوي : مريم السهلاوي
يتحرك القمر حول الأرض في مدار بيضاوي مما يؤدي إلى تغير المسافة بينهما حسب موقع القمر، لكن متوسط المسافة بينهما قد تم تحديده في 384399 كيلومتر. و لادراك هذه القيمة فهي تقارب عشر لفات حول الأرض في خط الاستواء.
لكن كيف تم قياس هذه المسافة؟
هناك عدة طرق لقياس المسافة بين الأرض و القمر، و تذكر المراجع أن أول من قام بعملية القياس هاته هو Aristarque de Samos (ولد 310 قبل الميلاد و توفي 230 قبل الميلاد)، و ذلك باستخدام ظاهرة خسوف القمر: حيث لاحظ أن ظل الأرض يمكنه أن يحتوي على 3 أقمار، و بالتالي فشعاع الأرض يساوي 3 أضعاف شعاع القمر (الشكل 1: RT = 3 RL). بالإضافة إلى هذا فقد كان معلوما لديه أن قطر القمر يرى تحت زاوية تقدر ب 0.5 درجة (الشكل 2).
و باستخدام النسب المثلثية و بالضبط الظل، نجد أن
و منه يمكن التوصل إلى أن المسافة بين الأرض و القمر تكتب :
و باستخدام العلاقة بين شعاع الأرض و شعاع القمر، نجد أن :
و بهذه الطريقة السهلة و الذكية توصل Aristarque إلى معرفة المسافة بين الأرض و القمر، لكنه لم يوفق لمعرفة شعاع الأرض RT، الذي تم تحديد قيمته فيما بعد في 6380 كيلومتر من طرف Eratosthène4. و بإضافة هذه القيمة إلى المعادلة السابقة، نجد أن المسافة بين الأرض و القمر هي 487384 كيلومتر.
إن هذه القيمة أكبر من القيمة المعتمدة حاليا، و يرجع ذلك إلى أن ظل الأرض عبارة عن مخروط و ليس أسطوانيا كما افترضه Aristarque. فكيف تم قياس القيمة الحالية؟
إن القيمة المعتمدة حاليا هي DT,L = 384399 Km ببضع سنتيمترات كهامش خطـأ. و قد تم التوصل إلى هذه القيمة من خلال ارسال شعاع Laser من الأرض نحو القمر لينعكس على عاكسات (تم تثبيتها على سطح القمر خلال مهمات أبولو الفضائية)، ثم يرتد الشعاع نحو الأرض فنقيس الوقت اللازم لذهاب و إياب الشعاع، و باستخدام سرعة الضوء المعروفة
(km/s 300000) نتوصل (باستخدام تعريف السرعة V ) إلى المسافة التي قطعها الشعاع خلال ذهابه و إيابه.
و تجدر الإشارة إلى أنه تم تجميع عدة قياسات بين سنة 1969 و 2009، مما ساهم في التوصل الى أن القمر يزحف مبتعدا عن الأرض ب 38 ملم سنويا.
المراجع:
الكاتب: