يبدو أن نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) قد وجد له وظيفة جديدة، فبعد أن أبلى بلاء حسنا كنظام ملاحة بحري وجوي وبري وكأداة فعّالة في ميادين الجيولوجيا ومسح الأراضي وغيرها من التطبيقات المتنوعة، قد يصبح بعد اليوم عنصرا أساسيا بالنسبة لعلماء الفيزياء والفلك حيث من المحتمل أن يمكنهم من رصد وقياس المادة المظلمة، ذلك الشيء الغامض الذي يُكون جل المادة في الكون بنسبة تقارب 84% في مقابل 26.8% من إجمالي طاقة الكون.
إعداد: أيوب المدن التدقيق اللغوي: رشيد لعناني
إستنادا إلى الورقة البحثية المنشورة من قبل الفيزيائيين “Andrei Derevianko” الأستاذ بجامعة نيفادا – رينو، وزميله “Maxim Pospelov” من جامعة فكتوريا و مركز “Perimeter Institute for Theoretical Physics” بكندا، فإنه قد يصبح بإمكاننا البحث عن المادة السوداء فقط من خلال فحص ومقارنة معطيات الساعات الذرية المرفقة بأجهزة “دجي بي اس” (GPS) والبحث عن بعض التناقضات فيها.
بالرغم من أن فكرة المادة المظلمة أصبحت في الوقت الراهن تلقى قبولا واسعا بين العلماء باعتبارها النظرية المعتمدة المُمَكّنة من تفسير التباين بين كتلة الأجسام الفلكية المحددة من آثار الجاذبية الخاصة بهم، وتلك المحسوبة من “المادة المضيئة” التي تحويها هذه الأجسام مثل النجوم والغاز والغبار، فإنه وإلى يومنا هذا لم يتم رصدها مباشرة أو حتى التعرف على ماهية مكوناتها ويُكتفى بالإستدلال عليها من آثار الجاذبية التي تمارسها على المادة المرئية.
وحسب نفس الباحثين فإن الطريقة المقترحة تعتمد بالأساس على تبني فكرة كون المادة المظلمة عبارة عن مجموعة ضخمة من التشوهات الطوبوغرافية ذات الطبيعة الغازية، بحيث وخلال حركة الكرة الأرضية داخل المجرة ستجتاح هذه التشوهات، أي المادة المظلمة، مخلفة وراءها عدم تزامن (desynchronization) ساعات نظام التموضع العالمي الذرية فائقة الحساسية، هذا الحدث الذي يمكن اعتباره كمؤشر على وجود دقائق المادة المظلمة.
هذا وقد شرع الباحثان المذكوران أعلاه في إخضاع نظريتهما للتجريب عن طريق تحليل بيانات الساعات الذرية لثلاثين قمر GPS متعاونين في ذلك مع “Geoff Blewitt” مدير مختبر “Geodetic”، هذا الأخير الذي يشتهر بكونه أضخم مركز لمعالجة بيانات أنظمة التموضع على مستوى العالم.
الكاتب: