كل شيء يمكن وصفه باستعمال اللغة يمكن وصفه باستعمال الرياضيات، باعتبارها أكثر اللغات دقة ووصفا وموضوعية.
عند دراستي لمفهوم الدالة الرياضية (f(x عرفت أن مفهوم الدالة لا يمكن اختزاله فقط في تحديد مجموعة التعريف وانتهاءا برسم التمثيل المبياني، عرفت أن وراء هذه السطحية التي وصفت بها الرياضيات والعلاقات الرياضية في الكتب المدرسية يوجد عالم مختلف تماما، عالم رياضي فني بامتياز. سبب نفور البعض من الرياضيات هو عدم تمكنه من إيجاد هذه العلاقة، وعدم تمكنه من رؤية أبعد مما تصفه الكتب المدرسية، وبقاؤه حبيس الكتاب والقسم. فالعلم أكثر من ذلك، والرياضيات بالخصوص تتجاوز ذلك المفهوم الضيق.
عند دراستي لمفهوم الدالة الرياضية ، تساءلت ربما تكون لكل واحد منا دالة رياضية خاصة به، تصف حركاته وسكناته، تصف بدقة سلوكه وقدراته وذكاءه، دالة معرفة على مجال زمني ومكاني محدد (مجموعة التعريف) وتستطيع التنبؤ بكل شيء حول هذا الشخص، تتنبأ بتصرفاته المستقبلية ومساره المهني والشخصي، تتنبأ بمرضه( القيم الدنوية لدالة) وبنجاحاته ( القيم القصوية) وبالتغيرات الجذرية في حياته (نقط الانعطاف) وبمماته (نهاية الدالة). الأكيد أن هذه الدالة لن تكون اعتيادية كتلك التي درسناها، ستكون معقدة نسبيا لأنها ستعتمد على متغيرات متعددة بدل متغير واحد وستتغير وتتحين باستمرار بالاعتماد على أي معطيات متاحة في كل ثانية من حياة هذا الشخص. ربما هذه الدالة أو النموذج لن يكون دقيقا بما فيه الكفاية إلا أنه يمكن أن يبلغ درجة مقبولة من الدقة.
هذا الوصف بصيغة التنبؤ، لن يقتصر على سلوك الإنسان فقط، بل سيتعلق بالأحداث الكبرى من مباريات ورياضيات وأزمات مالية وتوقعات جوية.
هذا الوصف إذن أو التنبؤ لن يعتمد على قوى خرافية لن يكون عن طريقة وصفة سحرية، لن يكون نبوءة من نبوءات نوستراديموس أو غيره، سيكون معتمدا على علاقات رياضية صرفة ومعارف علمية خالصة. ربما سيأتي هذا اليوم و ربما لن يأتي ، لكن الأكيد أن الرياضيات ستتنبأ بذلك أيضا.
المحرر : الحسين أطركي
المدقق : محمد ايت عدي
الكاتب: