image_pdfimage_print

   يفترض بعض العلماء أن نظام الاتصالات الداخلية للنبات، شبيه جدا بما يسمى الجهاز العصبي عند الحيوان، فضلا عن سلوك بعض أنواع  النباتات تجاه المؤثرات الخارجية، على سبيل المثال نبتة “ميموزا بوديكا”، الشهيرة  بانطواء أوراقها حينما يتم لمسها أو تعريضها للحرارة، و صائدة الذباب ( Venus  flytraps )  النبتة الآكلة للحشرات، حيث تتميز بتفاعلها السريع مع وجود الحشرات قرب أجهزة الالتقاط الخاصة بها.  فهل تملك النباتات بالفعل جهازا عصبيا؟

إعداد : حورية الوهابي/ التدقيق اللغوي: الحسن أقديم.

21_nh_mimosa_512_jpg_12693

Martin Shields/Photo Researchers, Inc

    حاول بعض علماء النبات المعاصرين  الإجابة على هذا التساؤل، حيث انعقد  أول اجتماع دولي لبيولوجيا الأعصاب النباتية في فلورنسا (إيطاليا) سنة 2005. و في سنة 2006، أُصدِرت مجلة تهتم بالإشارات و السلوك عند النبات ( Plant Signaling and Behavior). فما الذي توصل إليه علماء البيولوجية العصبية النباتية؟

إن فكرة أن للنبات جهاز عصبي نبعت من عدة مصادر:

أولا، أن النباتات تملك مورثات مشابهة لتلك التي تخص  بعض مكونات الجهاز العصبي الحيواني، بما فيها مستقبل الحمض الأميني غلوتامات  (Glutamate)، و الذي يشكل أحد اللبنات الأساسية للبروتينات، والذي يعمل أيضا كناقل عصبي عند الحيوانات، بالإضافة لمكونات أخرى متخصصة في تنشيط المسالك العصبية، كتلك التي تسمى بروتينات G-box  التي تعمل على الربط بين مختلف البروتينات الناقلة للإشارات الخلوية. كل هذه البروتينات نجدها عند الحيوانات، وتختص بعدة وظائف في التواصلات العصبية الحيوانية إلا أنها توجد أيضا عند النباتات.

ثانيا، يظهر عند بعض  أنواع النباتات مناطق مماثلة لنقط التشابك العصبي بين الخلايا “Synapse “،  و التي تسهم في نقل الإشارات العصبية بين الخلايا، كما أن لها نفس خصائص التشابك العصبي لدى الحيوانات، مثل تكون حويصلات و فقاعات صغيرة تخزن السيالة        و تُفرغ عبر نقاط الاشتباك العصبي.

ثالثا، العديد من النباتات تملك أنظمة وعائية، هذه الأخيرة تعمل كقنوات نابضة تسمح بإرسال المعلومات إلى جميع أعضاء النبتة.

و أخيرا، بعض الخلايا النباتية تظهر خاصية يمكن تفسيرها ب “جهد العمل”، حيث يظهر على الغشاء الخلوي استقطاب كهربائي تنقلب شحنته سريعا و مؤقتا كما يحدث في الخلايا العصبية الحيوانية.

   لنتأمل جيدا مختلف هذه المعلومات،  وفي ما قد يعني ضمنياً وجود  مثل هذه الوظائف المماثلة لوظائف الدماغ لدى النباتات:

أولا، ليس من الغريب العثور على مورثات عند النباتات مشابهة للمورثات الخاصة بالجهاز العصبي عند الحيوانات، في الواقع، يرجع السبب في ذلك إلى كون جميع أشكال الحياة على كوكب الأرض تتحد في يسمى “النسب المشترك”، حيث تبيّن أن الذخيرة الوراثية للبكتيريا تحتوي على ما يعادل %2 من الشبه بالجينوم البشري، أما النباتات حوالي %17، أما بالنسبة لبعض الكائنات كالذباب و الديدان يصل التشابه إلى ما بين 30 و 40  في المائة، لكن وجود تشابه في بعض المورثات عند النباتات و الحيوانات، لا يعني بالضرورة أنها تنتج بروتينات تقوم بنفس الوظيفة عند هذه الكائنات الحية.

 إذاً فما هي وظيفة مستقبلات الغلوتامات (Glutamate) المذكورة أعلاه، إن لم يكن لها علاقة بوظائف الجهاز العصبي، و ما سبب وجودها عند النباتات؟

 تظهر الدراسات أن  النباتات  تستخدمها باعتبارها بروتينات” الدفاع” لدرء هجوم بعض أنواع الحشرات.

فيما يتعلق بنقط الإشتباك العصبي، يؤكد Gerd Jürgens  عالم النبات من معهد ماكس بلانك لعلم الأحياء التنموي (Institut Max Planck pour la biologie du développement) أن هرمون الأوكسين (هرمون نباتي ينشط نمو النبتة) ينقل عبر حويصلات خلوية لها مميزات شبيهة بالنواقل العصبية عند الحيوانات، بالإضافة إلى وجود نوع آخر من الاشتباك العصبي لدى النباتات يسمح بمقاومة الكائنات المُمرضة، كما أنه يُحقق التفاعلات التي تضمن التعايش مع  الكثير من الكائنات الحية الدقيقة مثل البكتيريا و الفطريات.

فيما يخص وجود نابضات كهربائية و جهد العمل عند النباتات، يقول Eric Davies  من جامعة ولاية نورث كارولينا (North Carolina State University) أن السبب الرئيسي لوجود الإشارات الكهربائية عند النباتات، هو إرسال المعلومات بطريقة سريعة      و منتظمة  تمكن من الإعلام الفوري لجميع أعضاء النبتة بوجود أمر مزعج أصاب أحد أجزائها، و يضيف أن طبيعة جهد العمل عند النبات يختلف عن الحيوان، حيث ينتج جهد العمل عن أيونات الصوديوم و البوتاسيوم أما عند النباتات فينتج عن الكلور و البوتاسيوم.

المصدر: naturalhistorymag


الكاتب: حورية الوهابي