ينقسم الغلاف الصخري إلى عدة قطع صخرية كبيرة تتحرك بعضها بالنسبة للبعض الآخر. فكيف تعرض الغلاف الصخري للتقسيم؟ إقترح مجموعة من الباحثين أول نموذج يشرح الظاهرة على الأرض ويشير إلى عدم حدوثها على كوكب الزهرة، لاسيما و أنه يعتبر الكوكب التوأم للأرض.
يعتبر الغلاف الصخري الطبقة السطحية و المتحركة من الأرض، ينقسم إلى عدة صفائح صخرية صلبة و التي تتحرك (تطفو) على الرداء المتوسط “الأستينوسفير” ، يعد هذا الأخير جزءا من الرداء الذي يتموضع مباشرة تحت الغلاف الصخري. تتحكم هذه البنيـة في مجموعـــة من الظواهـــر الجيولوجيـــة كالــزلازل و البراكين. كما تؤثر كذلك على مناخ كوكبنا الأزرق ولعبت دورا رئيسيا في ظهور الحياة.
Wikimedia Commons, DP©
سؤال عريض يطرح نفسه: كيف تشكلت الصفائح الصخرية التكتونية؟
ترجع أول الأدلة على تقسيم الغلاف الصخري إلى حوالي أربعة ملايير عاما (4GA)، و لكن ظهور الصفائح كاملة و بداية التكتونية في شكلها الحالي لم يتم إلا بعد مليار سنة. حسب دراسة نشرت في مجلة “نيتشر” “Nature” من طرف باحثين في CNRS وجامعة “يال” “Yale” بالولايات المتحدة، فإن هذه المرحلة الانتقالية، التي دامت مليار سنة، مكنت من خلق مناطق هشة في الغلاف الصخري و من الربط ما بينها.
يعتبر النموذج المقترح أن الغلاف الصخري مكون من نوعين من الحبيبات، تعكس التركيب العيداني لصخرة البيريدوتيت، التي تعتبر المكون الرئيس للصفائح الصخرية. يأخذ هذا النموذج بعين الاعتبار القوى التي تطبق على الصخور من طرف الأستينوسفير المتموضع تحت الغلاف الصخري، و يدمج المعطيات التجريبية لخصائص الصخور و تشوهها.
وفقا للباحثين، يصبح الغلاف الصخري هشا تحت تأثير تيارات الحمل الحراري التي تتم على مستوى الرداء، أي بحدوث حركات بطيئة جدا للصخور المكونة للأستينوسفير تحت تأثير درجات الحرارة المرتفعة. تطبق تيارات الحمل الحراري ضغطا على الغلاف الصخري الذي يعلوها فتمدد صخوره و ينخفض قد حبيبات المعادن المكونة لها، الشيء الذي يجعلها أكثر قابلية للتشوه، و هكذا تنشأ منطقة هشة. تتحرك تيارات الحمل الحراري في الرداء مع مرور الزمن، مكونة مناطق ضعف أخرى. و لكن، حينما لا تبقى خاضعة للضغوطات، تعود هذه المناطق لحالتها الأصلية، لأن المعادن تسترجع قدها الكبير الأصلي.
وفقا لهذا النموذج، و بسبب درجة الحرارة المعتدلة للأرض و وجود معادن مختلفة التي تعيق نموها بشكل متبادل، يتطلب استرجاع الغلاف الصخري لحالته الأصلية زمنا يضاعف 100 مرة الزمن اللازم لهشاشته. و بالتالي فقد أتلفت تغيرات تيارات الحمل الحراري الغلاف الصخري محليا، دون أن يستعيد حالته الأصلية كاملة، مراكما بذلك مزيدا من مناطق الهشاشة التي ستمكنه من التجزؤ إلى صفائح صخرية. و وفقا لحساباتهم، سيتطلب الأمر مليار سنة كي تتكون الصفائح الصخرية، و هذا ما يتطابق مع التاريخ الجيولوجي.
شرح الباحثون أيضا عدم حدوث تكتونية الصفائح في كوكب الزهرة، رغم توفره على نفس مميزات كوكبنا الأزرق من حيث الكتلة والحجم والتركيب: وذلك نظرا لدرجة الحرارة العالية للغلاف الصخري، بسبب حدوث احتباس حراري شديد، و التي ترجعه بشكل سريع إلى حالته الأصلية (في عشرة ملايين سنة) مما يحول دون تقسيمه إلى صفائح صخرية.
المصدر: 1
الكاتب:
المدقق اللغوي: