من المؤكد أن جميع من يقرأ هذا المقال قد سمع بابن سينا أو أمير الأطباء والشيخ الرئيس وأبو الطب الحديث كما يكنى، ليس ذلك بالغريب، فابن سينا من بين العلماء المسلمين الذين بصموا ميدان الطب ومنحوه الكثير ويكفيه أنه أعطاه الدفعة الأولى نحو طب متقدم. من بين الإرث العلمي الذي أورثنا إياه ابن سينا “كتاب القانون في الطب”. فما محتوى هذا الكتاب؟ وما السر وراء ترجمته للعديد من اللغات الأجنبية ؟
قال المؤرخ جورج سارتون (1884-1956) واصفا العالم ابن سينا: “واحد من مؤسسي الشمولية الإسلامية الأكثر شهرة، وشخصية بارزة في العلوم الإسلامية”، مضيفا أن “لألف سنة كان قد حافظ على شهرة واسعة بوصفه واحدا من أعظم المفكرين وعلماء الطب في التاريخ”.
نهج ابن سينا في كتابه الأسلوب التحليلي والمنهجي الدقيقين، وتدرج فيه من العام إلى الخاص، ما جعله أفضل عمل يلخص المعرفة الطبية في ذلك الوقت في خمسة مجلدات، علاوة على كونه واحدا من الكلاسيكيات الكبيرة في تاريخ الطب وفق سارتون. حيث كان ينظر إليه بأنه سلطة طبية إلى وقت متأخر في أوائل القرن 19 .
حسب سارتون “يحتوي القانون في الطب على بعض من أكثر الأفكار المنيرة التي تتعلق بتطور التهاب المنصف mediastinitis من التهاب الجنبة pleuritis، والطبيعة المعدية للسل، وتوزيع الأمراض عن طريق المياه والتربة، ووصف دقيق لمشاكل الجلد، والأمراض الجنسية والشذوذ وأمراض عصبية “.
وحسب ديسنوس فإن الكثير من الأمراض التي تصيب الكلى والمثانة يمكن التعرف عليها في تصنيف أمراض الكلى وتقارير أمراض المثانة في كتاب القانون. كما كان أول من أشار إلى حقيقة أن البيلة الدموي (البول المصحوب بدم) قد يكون ناجما عن أسباب خارجه عن الجهاز البولي، كأمراض الدم على سبيل المثال.وذكر ابن سينا أيضا في الفصل الذي يتحدث فيه عن الاضطرابات البولية دور العوامل النفسية في علاج بعض حالات التبول اللاارادي الليلي .
وحذر ابن سينا في كتابه من القسطرة في وجود التهاب لأنه يزيد من التورم والألم، وصمم من جلد بعض الحيوانات البحرية وغيرها من الحيوانات قسطرة حلقية برأس صلب مع ثقوب جانبية.
ترجم كتاب “القانون في الطب” إلى اللاتينية في القرن 13م، وشغل منصب الكتاب المدرسي الرئيس لطلبة الطب في عدد من الجامعات الأوروبية حتى القرن 18م.
صفحة العنوان من طبعة 1556م من القانون في الطب وقد ترجمت هذه الطبعة على يد عالم القرون الوسطى جيرار دي كريمونا.
الكاتب:
المدقق اللغوي: