Annie Griffiths
المدخل الثاني: الكل مجتمع
تستند جميع أشكال الحياة المعروفة على وحدات ذاتية الحركة لإنشاء بنيات وتحركات واسعة النطاق. وعدم حدوث هذا الأمر كان سيجعل الكائنات الحية تستعمل عمليات سلبية وأبطأ بكثير، كالانتشار لنقل الحمض النووي DNA والبروتينات داخل الخلايا أو الأنسجة، وكثير من البنيات والوظائف المعقدة للحياة قد لا تتطور.
لعقود من الزمن تكهن علماء الأحياء والفيزيائيون بالمبادئ العامة للمادة الحية، لكن تركيز الأبحاث كان على تحديد الجزيئات المتدخلة في العمليات الخلوية، أكثر من تركيزه على المبادئ التي تمكن من فهم التنظيم الذاتي لهذه الجزيئات.
إحدى البحوث الأكثر تأثيرا كانت لفريق بحث بقيادة ستانيسلاس ليبلر، وهو بيوفيزيائي من جامعة برينستون في نيو جيرسي، هذه المجموعة كانت الأولى التي استطاعت إظهار أن بنيات شبه حية معقدة يمكن أن تبني نفسها انطلاقا من الأنيبيبات المجهرية مع بعض البروتينات بالاستعانة بالــ”ATP”. في نفس الوقت تقريبا قام تاماس فيسيك، عالم الفيزياء الحيوية النظرية في جامعة “إيتفوس لوراند” في بودابست بتطوير نموذج للمادة النشطة. في بدايات التسعينات، وهو الوقت الذي بدأت فيه البحوث في المادة النشطة، قام فيسيك بدراسة الحركات الجماعية لأسراب الطيور والمستعمرات الباكتيرية ومكونات الهياكل الخلوية، حينها أدرك عدم توفر نظرية تفسر الأمر. يقول الفيزيائي جون فرانسوا جواني معهد كوري في باريس، أن هذا العمل ليس توازن الميكانيكا الإحصائية حيث يمكن أخد كتاب فتجد الحلول.
وبدلا من ذلك فقد وجد فيسيك نقطة انطلاق في نموذج للمواد الميغناطيسية الذي وضع سنة 1928 من قبل الكميائي الألماني فيرنر هايزينبرغ، فقد اعتبر أن كل ذرة عبارة عن مغناطيس يدور بشكل حر، ووجد أن المغناطيسية تبرز بشكل واسع عندما يتسبب التفاعل بين هذه المغانط في اصطفاف أغلبها. لشرح مسألة المادة النشطة استبدل فيسيك المغانط الصغيرة بجزيئات على شكل أسهم متحركة بسرعة مقاربة للسرعة المتوسطة للجزيئات المجاورة. وكانت نتيجة تجربته أن لاحظ أن هذه الأسهم الصغيرة شرعت بالتحرك في أنماط شبيهة بتلك التي تتحرك بها أسراب الطيور والأسماك.
أعجب عالم الفيزياء جون تونر بهذه الفكرة حين استمع لإحدى خطابات فيسيك في 1994، وظن أن تجربة فيسيك قد تكون نموذجا للسوائل المتواصلة. حيث قام بتغيير المعادلات القياسية للهيدروديناميكا وتحديثها لتأخذ بعين الاعتبار كيفية استعمال الجزيئات للطاقة. أعطى كل من نموذج السوائل للعالم الفزيائي تونر، وتجربة فيسيك للجزيئات الصغيرة، التوقعات نفسها لمجموعة من الظواهر.
المصدر نيتشر
الكاتب:
المدقق اللغوي: