تستطيع البكتيريا الإحساس والتكيف مع ما يحيط بها، فقد أوضحت دراسة أن بكتيريا الشيجيلا بإمكانها أن تتحس حرارة المحيط الخارجي عبرARN رسول(ARNm)، والذي يلعب دور ميزان الحرارة. وبفضل هذه الآلية، تستطيع البكتيريا ضبط تركيباتها البروتينية حسب البيئة.
تعتبر العدوى الشيجيلية التهابا للأنبوب الهضمي يحدث بسبب بكتيريا تدعى شيجيلا. ويضرب هذا المرض بالخصوص المناطق الاستوائية، حيث يسود الفقر وقلة النظافة. ويتميز بأعراض الحمى، وأوجاع البطن والإسهالات الحادة التي قد تصبح نزيفية. ويموت سنويا أكثر من 600000 شخص بسبب العدوى الشيجلية.
بعد يوم إلى ثلاثة أيام من تناول ماء أو مواد ملوثة، بإمكان الشيجيلا أن تلوث الجسم. ولكي يحدث ذلك، عليها أن تأخذ مخزونها من الحديد، المغذي الأساسي لنموها. في حين أن هذا العنصر الحيوي لا يتوفر بطريقة مباشرة داخل الجسم، وعلى البكتيريا أن تحصل عليه انطلاقا من الخضاب الدموي (التركيبة الجزيئية التي تحتوي على ذرة الحديد). ولجمع محصولها، عليها صنع “معول” ملائم، وهو بروتين يسمى ShuA.
تستطيع البكتريا إدراك بيئتها والاستجابة بطريقة ملائمة، فمثلا بإمكانها التعرف على نسبة المغذيات في الوسط الخارجي وتكوين أنظمة لاستعادة الغذاء عند الضرورة.
ومؤخرا أظهر باحثون من جامعة أوهايو بأن آلية الإحساس بالحرارة تحدث لدى الشيجيلا عندما يلزمها التزود بالحديد. وقد أوضحوا في الدراسة التي نشرت بمجلة Plos One، بأن البكتيريا تنتج بروتينا ShuA للتزود بالحديد، فقط عندما تكون الحرارة المحيطة مماثلة لحرارة الجسم البشري، وهي 37 درجة س. بصيغة أخرى، تتأكد البكتيريا من تواجدها داخل العائل الأمثل قبل تركيب البروتين اللازم لمخزونها من الحديد انطلاقا من الخضاب الدموي.
استعمل الباحثون فصيلة الشيجيلا الزحارية للقيام بأبحاثهم. وأظهروا أنه عندما وضعت هذه البكتيريا في حاضنة في درجة حرارة بلغت 25، لم تنتج بروتين ShuA. بالمقابل، وفي درجة حرارة 37، قامت بتركيبه بطريقة سليمة. وبالتدقيق في الأمر، تبين لهم أن العامل المسؤول عن هذا التنظيم الحراري هو ARN الرسول، أي النسخة المؤقتة للمورثة المستعملة لتركيب البروتين.
وتتوقف بنية ARNm للبروتين ShuA على درجة الحرارة. ففي درجة حرارة 25، يتخذ شكل دبوس الشعر. هذا الترتيب يمنع مرور آلية تركيب البروتينات، فلا تنتج ShuA . من ناحية أخرى، في درجة حرارة الجسم، يتخذ ARNm شكلا عاديا يمكنه من إنتاج سليم للبروتين. وتقول Erin Murphy ، مديرة هذه الدراسة، بأن ARNm يلعب دور ميزان الحرارة. وبفضل هذه الآلية، تتمكن الشيجيلا من الحصول على الحديد، ويبدأ الالتهاب.
إن هذه النتائج ليست هي الأولى من نوعها، فقد تم توصيف هذه العملية لدى نوعين آخرين من البكتيريا: السلمونيلا واليرسينيا، وكلتاهما مسببتان للمرض بالنسبة للإنسان. هذه الدراسة تؤكد التقلبات المهمة للبكتيريا، فهي تتوفر على أنظمة متعددة تمكنها من التكيف محيطها.
المرجع: 1
الصورة:2
الكاتب:
