تختلف القدرات الإدراكية و المهارات المعرفية من شخص للآخر، و يتدخل في ذلك كلّ من المورثات والظروف المحيطة بالشخص. و قد كان من الصعب تحديد المورثات المسؤولة عن الذكاء البشري، غير أنّ دراسة جديدة نشرت مؤخراً في دورية نيتشر لعلم الأعصاب، كشفت عن شبكة من المورثات توجد داخل منطقة من الدماغ تسمى الحُصَين، و التي قد تكون المورثات التي يبحث عنها العلماء.
science.ma
قام فريق من العلماء من جامعة سنغافورة الطبية وكلية لندن الإمبراطورية في المملكة المتحدة، بدراسة جميع المورثات النشطة في الحُصَين البشري، وهي منطقة في الدماغ مسؤولة عن تحويل الذكريات قصيرة الأمد إلى ذكريات طويلة الأمد، والتي تمثل المفتاح الأساسي للمعرفة. استخدموا لذلك 122 عينة من الحصين أُخذت من أدمغة أشخاص أصحاء يتمتعون بقدرات معرفية، وآخرون مصابون باختلالات عصبية وإعاقات فكرية. وبدَل دراسة السلوك الفردي للمورثات، نهجوا دراسة ما يسمى النظام الوراثي، أي كيفية عمل المورثات في شكل مجموعات متناسقة.
عثر الباحثون على العديد من الشبكات، تتكون من مورثات مرتبطة فيما بينها، اثنين منها تدعى M1 و M3، لها علاقة قوية بالإدراك البشري، خاصة تعزيز الذاكرة. وتبيّن أنّ الشبكة M3 تتكون من 150 مورثة، تعمل في تناسق داخل شبكة متقاربة، وهذه الشبكة تنشط مباشرة بعد الولادة. الأهم من ذلك، تبين أن هذه الشبكة مسؤولة عن نوعين مختلفين جداً من الذكاء، الأول يسمى الذكاء المتبلور، وهو قدرة الشخص على التكيّف مع حالات ترتبط بأنماط وسلوكيات واجهَها من قبل. والثاني، الذكاء السائل، وهو الذي يحدد مدى إمكانية الشخص التكيف مع حالة جديدة تماما عليه.
عمَد الباحثون أيضاً إلى مقارنة هذه الشبكات من المورثات مع معطيات لأمراض عصبية، بما فيها مرض التوحد والصرع وانفصام الشخصية، فوجدوا أنّ ثُلث هذه المورثات قد تعرضت لطفرات وراثية.
يقول الدكتور مايكل جونسون، المسؤول الأول عن هذه الدراسة: ” نأمل أن يُوفر هذا الاكتشاف آفاقاً جديدة لعلاج الأمراض العصبية مثل مرض الصرع. كما أنّه بات من الممكن العمل على هذه الشبكات الوراثية لتعديل الذكاء، لكن حالياً يبقى هذا مجرد احتمال نظري، وقد اتخذنا الخطوة الأولى على هذا الطريق”.
المصدر: كلية لندن الإمبراطورية
الكاتب: