تطرّقنا خلال المقال السابق إلى الدور الاستراتيجي الذي تلعبه الغواصات في الترسانات الحربية للدول، وتحدّثنا عن مبدأ اشتغالها.
لن نذهب بعيدا في هذا الجزء، حيث سنكمل رحلة الغوص لنتعرف على كيفية المحافظة على الشروط الضرورية للحياة داخل هيكل الغواصة، وكذا التقنيات المستعملة لهذا الغرض.
إعداد: فريد رضوان/ التدقيق اللغوي: رشيد لعناني
في الواقع هناك ثلاثة تحدّيات تواجه الغواصة في المحافظة على سبل الحياة داخل هيكلها المغلق، ويتعلّق الأمر بجودة الهواء، وإمدادت المياه العذبة، والحرارة الملائمة لحياة الطاقم.
وكما هو معلوم فالهواء الذي نتنفّسه يتكون بالأساس من غاز النيتروجين (78%) و الأكسجين (21%) والآرغون (0.94%) وثنائي أكسيد الكربون (0.04%)، وعند استنشاقه، يستهلك الجسم الأكسجين ويحوّله إلى ثنائي أكسيد الكربون. أمّا بالنسبة للغواصة التي تضم مخزونا محدودا من الهواء وطاقما بداخلها، فأهم شيء هو تجديد الأكسجين المستهلك، حيث يؤدي انخفاض نسبته من الهواء إلى الاختناق، وتتزود الغواصة بالأكسجين من خلال خزانات الضغط التي تنتج هذا الغاز انطلاقا من التحليل الكهربائي للماء (تمرير تيار كهربائي في الوسط المائي لفصل جزيئات الماء إلى أكسجين وهيدروجين) ليوزع الأكسجين بعد إنتاجه بشكل مستمر داخل هيكل الغواصة عبر نظام حاسوبي يستشعر نسبته في الهواء.
ومن أجل إزالة غاز ثنائي أكسيد الكربون من الهواء لتجنب تسمم الطاقم عند ارتفاع تركيزه، يستعمل هيدروكسيد الصوديوم والكلسيوم في أجهزة خاصة، حيث يتفاعل غاز ثنائي أكسيد الكربون معهما لينخفض تركيزه في الهواء. وتستعمل نفس التقنية تقريبا لإزالة الرطوبة.
ولتوفير المياه العذبة التي تلبي احتياجات الطاقم وتستعمل في تبريد بعض المعدّات، تتوفر الغواصة على جهاز تقطير يحول مياه البحر إلى مياه صالحة للاستعمال، عن طريق تسخين المياه حتى تتبخّر لتبرّد بعد ذلك في خزان للمياه العذبة.
تبلغ درجة حرارة المياه المحيطة بالغواصة 4 درجات مئوية تقريبا، وللحفاظ على درجة حرارة ملائمة لحياة أفراد الطاقم تعتمد الغواصة على مسخنات تعمل بالطاقة الكهربائية. فما هو مصدر هذه الطاقة الكهربائية؟ وكيف تنتج الغواصة الطاقة اللازمة للقيام بجميع الوظائف؟
سنحاول الإجابة على هذه التساؤلات في المقال القادم، فاحرصوا على متابعتنا.
الكاتب: