للإجابة على هذا السؤال الذي حير العلماء لمدة طويلة، استعان باحثون سويديون بالكربون المشع الذي تراكم في الغلاف الجوي بسبب تجارب الأسلحة النووية خلال سنوات الخمسينات وستينات القرن الماضي. وقد احتاجوا لأكثر من عشر سنوات لتطوير تقنية تمكنهم من الإجابة على السؤال.
في الواقع فإن أولى الدلائل على تجديد خلايا الدماغ عند الإنسان ظهرت سنة 1998 م عندما قام باحثون بحقن مادة في أدمغة أشخاص متطوعين قبل فحصها بعد وفاتهم، فتبين أن منطقة من الدماغ تسمى الحصين (hippocampe) المسؤولة عن الذاكرة والتعلم شهدت ظهور خلايا جديدة، إلا أن المادة المستعملة في التجربة أثبتت سميتها ما لم يسمح بتأكيد نتائج الدراسة.
منذ 1998م بينت مجموعة من الدراسات أن الخلايا العصبية يتم تجديدها عند الفئران في نفس المنطقة من الدماغ. وبما أن الدراسة الأولى لم يتم تأكيد نتائجها بأبحاث مستقلة، فإن تجديد هذه الخلايا عند الإنسان ظل محل نقاش لعدة سنوات.
لكن كيف سيساعد الكربون المشع في التأكد من تجديد خلايا الدماغ من عدمه؟ الجواب بسيط، فبعد توقف تجارب الأسلحة النووية سنة 1963م بدأت نسبة الكربون المشع )14(C في الانخفاض، وبما أن الخلايا تستعمل نظيري الكربون 14C و 12C فإن حساب النسبة 12/C14C المدمج في المادة الوراثية (ADN) للخلايا الدماغية سيمكن من تحديد عمرها وبالتالي مدى تجددها.
الدراسة أجريت على 55 متطوعا قبلوا أن تكون أدمغتهم موضوع دراسة بعد وفاتهم، حيث قام الباحثون بعزل الحصين من كل دماغ ثم استخلصوا ADN قبل قياس النسبة 12/C14C. اعتمدوا بعدها على نموذج رياضي لتقدير معدل تجديد الخلايا، فتوصلوا إلى أن أكثر من ثلث خلايا الحصين يتم تجديدها بمعدل 1400 خلية يوميا.
تؤكد نتائج هذه الدراسة ما سبق وأن توصل إليه الباحثون قبل أكثر من 12 عاما.
المصدر: 1
الناشر: 2
الكاتب: