“البقعة الحمراء”: إعصار المشتري العظيم
مكنت المناظير الفلكية، والمسابر، ومجموعة من الأنظمة المتطورة من اكتشاف العالم الخارجي للأرض، والبحث في ظواهره الجيولوجية والمناخية. و من بين العوالم التي بحثها العلماء الكوكب العملاق “المشتري” بوصفه الكوكب الأكثر إثارة للإعجاب، والمتميز بظواهر أكثر شمولا وتعقيدا كظاهرة الإعصار المضاد العملاق الذي يغزو مساحة شاسعة من سحب الكوكب المعروف باسم “البقعة الحمراء الكبيرة” التي اكتشفت في أواخر القرن التاسع عشر، ويروج الاعتقاد على أنها توجد على الكوكب لأكثر من ثلاثة قرون، فقد عثر عليها في رسوم لدجون دومينيك كاسيني التي يعود تاريخها إلـى 1665م، فلنتعرف عليها من خلال هذا المقال.
الإعصار المضاد نظام ذو ضغط عال في حالة دوران، في حين أن الأعاصير تكوينات في الغلاف الجوي بضغط منخفض. تقع البقعة الحمراء على بقعة من الغيوم فإن تسنى لنا التحليق حول المشتري، فسنرى هذا النظام المغيم الضخم الذي يصل علوه إلى عشرة آلاف متر فوق طبقة السحابة الرئيسة للكوكب العملاق، حيث تهب الرياح بسرعة تقارب 500 كيلومتر في الساعة، كما أن المجموعة تدور ببطء حول نفسها في مدة تصل إلى ستة أيام أي ما يقارب أسبوعين على المشتري؛ والبقعة حمراء الآن لكن خلال سنوات 1880 م كانت الحمرة أكثر وضوحا إلى حد ما، مع أنها تغيرت لاحقا وفقا للتغيرات الموسمية من لون أحمر إلى بني إلى وردي ثم “سموني” ثم رمادي ثم تغير اللون في الاتجاه المعاكس، فما سبب تغير ألوان البقعة؟
يمكن أن يكون الأحمر الداكن نتيجة لوجود عناصر كيميائية مثل الفوسفور أو الكبريت، ولعل تغيرات اللون على مدى عقود ترجع إلى التكوين المختلف لمقاطع الغيوم. ضخامة البقعة الحمراء جعلها أكثر إثارة للإعجاب، وأشهر لتشغل اهتمام هواة الفلك الذين تمكنوا من مراقبتها سنة 1980م باستعمال نظام بصري يصل قطره إلى 50 ميليمتر وبتكبير 30 مرة. غير أن استمرار الدوامة العملاقة في التقلص جعل مصطلح “كبيرة” الذي يصف مدى ضخامتها يختفي شيئا فشيئا من المقالات العلمية.
اكتشف علماء الفلك البقعة الحمراء سنة 1878م؛ كان مقاسها آنئذ 40000 كيلومتر تقريبا، وبعد ذلك انخفض حجمها بشكل تدريجي وغير ملحوظ، وهذا ما لاحظه هواة الفلك الذين أصبحوا يمتلكون وسائل لم يكن يحلم بها المهنيون قبل ربع قرن. وردا على السؤال التاريخي: “هل البقعة الحمراء الهائلة ستختفي؟”، وبعد أن تسنى لعلماء الكواكب وقت لمراقبة البقعة بمنظار الفضاء هابل، كما توضح الصورة أسفله، فالنتيجة إجابة واحدة “متطرفة” و جذرية: “البقعة الحمراء مقاسها الآن أكثر من 15000 كيلومتر”.
المصدر: 1