هي معادلات تصف الكون في كل الظروف: في الفضاء و على طول نهر ساكن و في أعماق المادة. كما أنها تمكن من إنشاء عالم من اكتشافات الإنسان التي لا حصر لها.
تمتاز المعادلات السبعة عشر التي اختارها عالم الرياضيات “أين ستيور” بخاصيتين أساسيتين : صلاحيتها المطلقة التي ترفع العديد منها لمقام القوانين، و فعاليتها الكبيرة التي غيرت بشكل جذري وجه العالم. فمع كل معادلة من هذه المعادلات تم حل أحجية من أحجيات الكون الغامضة، لتصير واضحة المعالم و مفهومة الابعاد.
1. معادلة الموجة: بوصفها كيفية انتشار و تطور الذبذبات، فتحت هذه المعادلة المجال للعديد من التطبيقات العلمية.
تصف هذه المعادلة بشكل دقيق كيف تنتشر و تتطور ذبذبة عبر الزمن، عند حدوثها على مستوى موضع ما من جسم معين. كما أنها تمكن من معرفة ما إذا كان اضطراب صغير على مستوى قنطرة قادرا على أن يتضخم و يشكل خطرا عليها. و في هذا الصدد، نذكر بواقعة قنطرة “لاباص شين” (la Basse-Chaîne) بـ “آنجي” (Angers)التي تحطمت نتيجة ظاهرة الرنين.
و يرجع الفضل للعالم الفرنسي “جان لو رون دالومبير” (1783-1717) في صياغة هذه المعادلة قبل أن تقدم عام 1947 لأكاديمية العلوم الملكية البروسية في برلين.
2.معادلات نافييه ستوكس : حيث تروض الدوامات.
تمكن هذه المعادلة من تتبع المسارات بالغة التعقيد لجسيمات مائع معين (قطرة ماء في نهر مثلا)، بحيث تصف لنا كيف لجسيم في حركة أسرع من جسيمات محيطة به أن يؤثر فيها فيسرعها أو يتأثر بها فيتباطأ.
وجاءت هذه المعادلة كنتاج لعمل المهندس الفرنسي “كلود لوي نافييه” (1836-1786) و الفيزيائي الإيرلندي “ستوكس” (1903-1819)
3.حساب التكامل و التفاضل: أداة الدقة.
تمكن طريقة الحساب هذه من تتبع التغير(تغير دالة أو متجهة أو مصفوفة إلخ) عبر الزمن (أو أي متغير آخر). و تأتي كثمرة عمل العديد من الأجيال، منذ “أرخميدس” في العصور القديمة. و لكن بشكل أساسي خلال القرن 17 مع “بيير دي فيرما” و “لايبنتس و نيوتن”.
4.معادلة “شرودنغر”: قانون ميكانيكا الكم.
تخضع كل الجزيئات في الكون لمعادلة العالم النمساوي “إرفين شرودنغر” (1961-1887)، و الذي يعد الاب الروحي للفيزياء الكمية. وتقوم هذه الأخيرة بوصف العالم دون الذري عن طريق الاحتمالات، حيث لا يتم اعتبار الجسيمات كنقط ذات مواضع محددة و معروفة، بل تتخذ شكل موجة تمثل احتمال تواجدها.
5.متحولة “فورييه” : سكين الفيزياء السويسري.
بفضل حدس الرياضياتي والفيزيائي الفرنسي “جون باتيست جوزيف فورييه” (1830-1768)، نتمكن اليوم من تحويل إشارة معقدة إلى مجموعة من الإشارات البسيطة، بشكل أقل ما يمكن القول عنه بسيط.
يقول الرياضياتي “مارتن اودلر” :”تمكنت نظرية فورييه من التألق كنظرية رياضية مستقلة في حد ذاتها و كأداة كونية لمعالجة الإشارات (صوت، ضوء، صورة …)”
6.مبرهنة “فيتاغورس” : قانون الارتفاع.
a2+b2=c2
تعد المبرهنة الأشهر على مر التاريخ. من منا لا يتذكر أن مربع الوتر يعادل مجموع مربعي الضلعين الآخرين في مثلث قائم الزاوية؟
7.الأعداد العقدية: الحيلة الرائعة
إذا كان مربع الأعداد الحقيقية الموجب لا يثير الكثير من الجدل و الاهتمام، فإن مربعا سالبا فرض نفسه كأحد أهم الاختراعات و أكثرها جرأة. يتعلق الأمر بالعدد المشهور حيث أن مربعه يعطي العدد 1-!
t2= -1
يقول “مارتن أودلر” :”إلى حدود القرن 19، كان مجرد حيلة للحساب، لهذا أطلق عليه اسم العدد الخيالي (أفضل هذه الترجمة في هذا السياق مقارنة بالعدد العقدي). ثم حدثت معجزة انتشرت في كل مجالات الفيزياء الرياضية!”
8.التوزيع الطبيعي: أداة لعلم الاجتماع.
في القرن 18 برزت معالم المنحنى الشبيه بالجرس، على يد الرياضياتي والفلكي الفرنسي “بيير سيمون لابلاس”(1827-1749) ، و كذا الرياضياتي و الفيزيائي الألماني “يوهان كارل فريدريش غاوس” (1855-1777)
و لكن يظل “أدولف كيتليه”، العالم الذي جعل منه أداة لعلم الاجتماع في القرن 19.
9.قانون التجاذب الكوني:
بربط قوة التجاذب بحركة الكواكب، فتحت هذه المعادلة المجال للعديد من التكنولوجيات الحديثة. تقول “تيريز اونكروناس” ، عالمة فلك بالمركز الوطني للبحث العلمي (مرصد باريس) : “يشكل هذا القانون أساس الميكانيكا السماوية، فهو يرصد بدقة كل الحركات الملاحظة في المجموعة الشمسية”.
10.اللوغاريتمات: قياس الظواهر الطبيعية.
هي حيلة أخرى من حيل علماء الرياضيات، والتي تبين أنها تتماشى جيدا مع الظواهر الطبيعية، لأنه بكل بساطة عوض اللجوء للضرب والقسمة، من السهل استخدام الجمع و الطرح. من بين أهم تطبيقات اللوغاريتمات : السلم اللوغاريتمي لقياس العديد من الظواهر الطبيعية كشدة الصوت أو الزلازل. ويقوم على المبدأ التالي: لا تتغير المسافة بين تدريجتين متتاليتين عن طريق ضرب التدريجات في 10 (في السلم الخطي عن طريق اضافة العدد 10 لكل تدريجة).
تحمل اللوغاريتميات توقيع العالم الاسكتلندي “جون نابيير” (1617-1550).
11.الإنتروبيا : قانون الاضطراب.
يطلق عليه اسم “القانون الثاني للتيرموديناميك” الذي ينص على أن أنتروبيا نظام معزول في ارتفاع متواصل. يرجع الفضل للعالم النمساوي “لودفيغ إدوارد بولتزمان” (1906-1844) في اكتشاف هذا القانون.
12.صيغة “أويلر” :
يتمتع العالم من حولنا بتنوع و تعدد أشكاله. بالنسبة لعلماء الرياضيات، يمكن تقسيم هذه الأشكال إلى مجموعة من الأشكال متعددة الأوجه المنتظمة (و هي 5 أنواع ، الاسم بالفرنسية: (Polyèdre régulier
تخضع هذه الاشكال الأساسية لقانون العالم السويسري “ليونهارد أويلر” (1783-1707): فلنعتبر عدد الأوجه ، إذا طرحنا عدد الأحرف وأضفنا عدد الرؤوس، نجد دائما العدد 2.
13.نظرية الفوضى: اختلال التوازن الطبيعي
تعنى هذه النظرية بدراسة النظم “الفوضوية”، التي تمتاز بارتباطها الكبير بالظروف الأولية، بحيث إن تغييرا بسيطا في الظروف الأولية يكبر بشكل مهول ليعطي نتائج مختلفة بتاتا. و هو ما عبر عنه عالم الأرصاد الجوية “إدوارد لورنز” في عام 1963 عن طريق تأثير الفراشة. بحيث إن رفرفة جناحي فراشة قد يحدث إعصارا على بعد ملايير الكيلومترات.
14.معادلة “بلاك شولز”: في أعماق سوق الأسهم.
تمكن هذه المعادلة من حساب القيمة النظرية لمنتوج مالي، انطلاقا من مجموعة من الفرضيات كقيمة الفائدة و تطاير الأسعار. يمكن القول إنها تعد الصيغة السحرية للمضاربين في سوق الأسهم، بالرغم من أن عالم الرياضيات “بينوا ماندلبروت” يشكك كثيرا في صحتها في الظروف الحقيقية للسوق المالية.
15.نظرية المعلومات :
كيف يمكن تكمية (Quantification) المعلومة ؟
في زمن يتم فيه تبادل البيانات المختلفة في ربوع العالم، يعد هذا السؤال أساسيا. و بناء عليه، قام عالم الرياضيات الأمريكي “كلود شانون” من صياغة معادلة رياضية تسمى : “انتروبيا شانون”. و تمكن هذه المعادلة من عزل الإشارة المتضمنة للمعلومة عن الإشارة “الزائفة” أو ما يطلق عليه بالضجيج(Bruit).
16.معادلات “ماكسويل الأنيقة”:
مكنت هذه المعادلات من البرهنة على أن المجال الكهربائي و المجال المغناطيسي وجهان لعملة واحدة، فعندما نقرب بوصلة من سلك كهربائي تتحرك إبرة البوصلة، مما يعكس وجود مجال مغناطيسي.
تبين المعادلتان على اليسار انحفاظ كل من المجالين، في حين توضح المعادلتان على اليمين كيف يتم المرور من مجال لآخر.
يقول “اتيان كلاين”، فيزيائي بمركز الطاقة النووية :”مكنت هذه المعادلة
من التنبؤ بكائن فيزيائي جديد : الموجة الكهرومغناطيسية”
17.
E=mc2
تعد المعادلة الأشهر للعالم الألماني الشهير : “ألبرت أينشتاين”، و توضح أن الكتلة والطاقة مترابطان إن لم نقل متكافئان.
يوضح المثال التالي جليا معنى هذه المعادلة: إذا ما قمنا بحرق كتلة من الخشب ووزنا البقايا بواسطة ميزان فائق الدقة، يتبين أن كتلة البقايا أصغر من الكتلة الأصلية. فهل هذا خرق لمقولة “لافوا زييه” الشهيرة : “لا شيء يضيع، و لا شيء يحدث، الكل يتحول” ؟ لا لأن الكتلة الضائعة تحولت لطاقة حسب معادلة أينشتاين.
توصل أينشتاين لهذه المعادلة عام 1905 و نشرها في مقال عنونه : “هل يرتبط القصور الذاتي للجسم(الكتلة في الفيزياء الكلاسيكية) بمحتواه من الطاقة؟ “. إلا أن العالم الألماني لم يكن يعلم بالمرة إلى أي حد ستساهم معادلته في تغيير العالم.
المرجع
N°808 Dossier page 32-4science et avenir juin 201
ترجمة: سعيد الفراشي
التدقيق اللغوي: علي توعدي