يهاجم فيروس VIH الجهاز المناعي، مما يتسبب في ظهور مرض فقدان المناعة المكتسبة المعروف اختصارا بمرض الإيدز “AIDS” أو “السيدا”. وقد بين هذا المرض متانته عن طريق دمج خبره الوراثي مع الخبر الوراثي للخلايا المناعية لجسم ضحاياه، مما يدفع الاطباء الى وصف أدوية للمرضى تلازمهم طوال العمر، و تجعل مدة سبات الفيروس أطول.
مؤخرا، قام باحثون من مدرسة الطب بـ “جامعة تمبيل” (Temple University)، بتصميم تقنية تمكنهم من انتزاع “الجينوم” الفيروسي للأبد من بين “الجينوم” النووي للخلايا المصابة. و يعتبر ذلك خطوة جد هامة نحو إيجاد علاج، والقضاء نهائيا على هذا المرض الذي لازم البشرية وأرعبها لعقود من الزمن.
“كامل خليلي” ومساعده “وينهوي” اللذان قادا هذا العمل، أكدا أنه اكتشاف مشوق، لكنه ليس قابلا للتطبيق في العيادة بعد، وقد وضعهم في الطريق الصحيح نحو القضاء على الفيروس عن طريق إزالة “جينومه” الخامل بين “الجينوم” البشري داخل الخلايا المناعية.
في دراسة تم نشرها مؤخرا في “Proceedings of the National Academy of Sciences” وضح خليلي و زملاؤه طريقة صناعة الأدوات و الجزئيات المسؤولة عن مسح الـ DNA الخاص بفيروس VIH و تتكون هذه الأدوات من عدة أنزيمات من نوع “endonucleases”، التي تقوم بقص الـ DNA في أماكن جد محددة بدقة، و من خيط RNA المسمى “gRNA”، دوره استهداف الـ DNA الفيروسي. وتقوم كل هذه الأدوات بتحديد الـ DNA الفيروسي بدقة وقصه ونزعه من بين الـ DNA الخاص بالخلية المناعية المصابة، ثم تتدخل أنزيمات أخرى تدعى “ligases”، ودورها إلصاق النهايات الحرة الناتجة عن عزل الـDNA الفيروسي وربطهما ببعضهما، ليعود “الجينوم” الخلوي سليما، فتصير الخلية سالمة و خالية من الفيروس.
من المعروف أن فيروس الإيدز، إلى جانب عدد من الفيروسات، يصعب تدميره من طرف الجهاز المناعي للجسم. و الأخطر أنه يهاجم الجهاز المناعي نفسه. لذا أكد خليلي أن إزالة “جينوم” الفيروس ضرورية لعلاج المرض. ويضيف خليلي: “يمكن نظريا استخدام نفس التقنية ضد مجموعة كبيرة من الفيروسات”.
هذه التقنية لا زالت تواجه عدة تحديات هامة قبل أن تصبح تقنية سريرية على المرضى، ومن بينها كيفية العثور على طريقة لتوصيل العلاج لكل خلية مصابة فقط. ولأن “الجينوم” الفيروسي يتعرض لتشوهات وطفرات، فيجب ابتكار gRNA خاص بكل “جينوم” فريد من نوعه.
يقول خليلي: “إننا نعمل على عدة تقنيات واستراتيجيات لكي يتمكن مشروعنا من الانتقال الى المرحلة السريرية”، ويضيف: “هدفنا محو كل نسخة من الـ VIH من خلايا المريض، وأعتقد أن هذه التقنية هي السبيل الأمثل للقضاء على الإيدز”.