تنتشر العديد من القصص عن قدرة الحيوانات على التنبؤ بالزلازل. ومن أكثر القصص شهرة، تللك التي يروى أنها حدثت في مدينة هايتنشغ الصينية سنة 1975، حيث هجم قطيع من كلاب المدينة وأخذ ينبح بشكل هستيري. ولحسن الحظ أن السلطات أخلت المدينة. فساعات بعد ذلك، وقع زلزال دمر المدينة عن آخرها، بهذا تكون الكلاب قد أنقذت مايقارب 90 ألف شخص”. هل الكلاب فعلا قادرة على التنبؤ بالزلازل قبل وقوعها؟
بداية وجب القول أني أميل كثيرا إلى تكذيب هذه القصة كما توردها العديد من المصادر، وذلك اعتمادا على ملاحظة بسيطة ذكرتها القصة، و هي أن الكلاب استطاعت التبؤ بالزلزال ساعات قبل حدوثه وهذا أمر غير ممكن. من جهة أخرى وجب ضبط المصطلحات، فالاستشعار ليس هو التنبؤ. فالتنبؤ بوقوع شيء بدون اعتماد قياسات علمية أمر خرافي بامتياز، أما استشعار أمر قبل حدوثه اعتمادا على إرهاصات قبلية تؤشر على قدومه أمر منطقي ومحتمل جدا. وقد ورد في مقال علمي نشر في دورية SSA أن التنبؤ بهذا الزلزال كان بسبب الموجات القبلية التي التقطت قبيل حدوث الزلزال. بالإضافة إلى حدوث تغير على مستوى لون ومستوى المياه الجوفية والتغيرات على مستوى سلوك بعض الحيوانات (إضافة إلى بعض الحظ كما أشار إلى ذلك صاحب المقال العلمي بنفسه). وكلها مؤشرات أدت بالمسؤولين عن مرصد الزلازل إلى تحذير الساكنة قبل حدوث الواقعة. سنة بعد ذلك، فشل باحثون في نفس المنطقة، من التنبؤ بزلزال تانغ شان المدمر الذي أدى إلى خسائر كبيرة.
من المعلوم أن الموجات الزالزالية من نوع P هي الموجات الأولى التي تنبعث في بدايات الزلزال وتتكون تردداتها من 4 إلى 10 هرتز، وبعد الدراسات أشار إلى أن ترددها يمكن أن يصل إلى قيمة ال 50 هرتز. وإذا علمنا أن الكلاب قادرة على سماع الأصوات التي ترددها محصورة بين القيمتين 67 هيرتز و 45 كيلوهرتز، فسيتبن أن الكلاب غير قادرة بتاتا على التقاط الموجات P. ونستطيع القول أن الحيوانات الأخرى مثل الفيلة والأحصنة و الأبقار والضفادع أقرب إلى استشعار هذه الموجات من الكلاب. فالفيلة قادرة على سماع أصوات ذات تردد منخفض ابتداء من 16 هرتز، في حين تسمع الأبقار موجات صوتية ذات التردد من 23 هرتز إلى 35 كيلوهرتز، أما الإنسان فيستطيع سماع موجات صوتية ذات التردد بين 63 هرتز و 20 كيلوهرتز.
في دراسة نشرت في مجلة ” فيزياء وكيماء الأرض ” ، سجلت الكاميرا بعد التغيرات في سلوك بعض الحيوانات في الحديقة الوطنية ياناشاغا باليابان سبعة أيام قبل حدوث زلزازل كونتامانا والذي بلغت قوته 7 درجات ريختر.
الأكيد أن الحيوانات غير قادرة على التنبؤ بحدوث الزلازل، وحتى إن تُحُدث عن قدرتها على استشعار الموجات الزلزالية فهذا يحدث في حالات خاصة فقط. لكن في المقابل يمكن لواقط الموجات التقاط كل أنواع الموجات التي تصاحب وقوع الزلازل. أو بالاعتماد على المعطيات الجيوفيزيائية للمناطق النشيطة. وفي هذا الصدد، طورت إدارة ناسا برنامج “QuakeSim ” لفهم، ودراسة، ومحاكاة الزلالزل في منطقة كالفورنيا. نشر البرنامج لائحة للنقط التي يتوقع أن يحدث فيها زلزال في المدة مابين بناير 2000 و دجنبر 2009. نجح في توقع 25 زلزالا من بين 27 زلزالا حدث في تلك المدة أي بنسة 92%.
للبحث أكثر في هذا الموضوع يمكنكم الاعتماد على الدراسات التالية :
- ملاحظة تغير سلوك الفئران و علاقته بزلزال المدمر، مجلة بيو -الكترمنيتيك، 2009
- إيقاع الساعة البيولوجية لدى الفئران قبل زلزال كوبي في 1995، مجلة بيو -الكترمنيتيك 2005
المصادر :