كان الاعتقاد سائدا لمدة طويلة أن التغيرات الكبرى في الوسط الطبيعي، كتشكل سلسلة جبال الأنديز أو نهر الأمازون، هي المحرك الرئيسي لتفرع الأنواع. لكن دراسة حديثة أظهرت أن الانتواع حدث بعد مدة أطول من هذه التغيرات الجغرافية. لقد وجد الباحثون أن الزمن وقدرة النوع على الحركة تلعب الدور الأكبر في عملية الانتواع.
Image courtesy of Mike Hankey
تشكل أنواع الطيور المتقاربة، كشراشير داروين، المختلفة من حيث شكل وقد مناقيرها وسلوكاتها المطورة خصيصا لمساكنها، أمثلة لعملية أو سيرورة تسمى الانتواع (Speciation). كان يعتقد لفترة طويلة أن التغيرات الكبرى، كتشكل سلسلة جبال الأنديز أو نهر الأمازون، هي المسؤول الرئيسي عن بداية تفرع الأنواع (الانتواع). لكن دراسة حديثة بينت أن الانتواع حدث بعد مدة من هذه التغيرات الجغرافية، فقد توصل الباحثون من متحف علوم الطبيعة التابع لجامعة ولاية “لويزيانا” أن الزمن وقدرة النوع على الحركة لعبا دورا أكبر في عملية الانتواع. و جدير بالذكر أن هذه الدراسة نشرت في دورية “نايتشر”.
يقول (Robb Brumfield)، مدير المتحف، و (Roy Paul Daniels) ، أستاذ بشعبة علوم الحياة وأحد المؤلفين الرئيسيين: “عادة ما يعزى التنوع الكبير للطيور في أمريكا الجنوبية للتغيرات الكبيرة في المنظر الطبيعي خلال الزمن الجيولوجي، لكن دراستنا تفيد بأن الفترات الطويلة من استقرار المنظر الطبيعي لها أهمية أكبر”.
درس (Brumfield) وزملاؤه سلالات 27 نوعا من الطيور في أكثر المناطق تنوعا (التنوع البيولوجي) في العالم المسماة (Neotropics)، وتشمل كُلًّا من أمريكا الجنوبية وجزءًا من أمريكا الوسطى وجنوب “كاليفورنيا”. ويقول (Brumfield): “اعتمادا على عينات مفصلة للعديد من سلالات الطيور، كان بامكاننا الحصول على صورة أكبر وأوضح عن وقت وكيفية تكون الأنواع في هذه السلالات.
أظهرت البيانات الوراثية حدوث تفرع متعدد للأنواع: ما بين 9 و 29 حالة مختلفة عبر جبال الأنديز، والتي تنوعت عبر الزمن. وهذا ما يبين أن تكون جبال الأنديز لعب دورا غير مباشر في تعدد الأنواع كحاجز نصف نفوذ، عوض التسبب المباشر في الانتواع.
بعد ذلك فحص الباحثون كيفية تأثير التاريخ والبيئة على الانتواع بين السلالات الـ 27. فاكتشفوا أنه كلما ازدادت المدة الزمنية التي يحتل خلالها نوع معين منطقة ما، كلما زاد احتمال انتشاره وتفرعه. كما أنه كلما قلت حركية النوع زاد احتمال تفرعه. مثلا، تظهر أنواع الطيور التي تقتصر على أرض الغابة كمسكن لها تنوعا أكبر من نظيرتها التي تعيش على قمم الأشجار، أي أنه إذا لم يكن بمقدور نوع ما العيش في منطقة معينة لمدة طويلة، فلن يحظى بفرصة التطور والاستمرار.
وترى الدراسة، حسب (Brumfield)، أن تغيير الأوساط الطبيعية بسبب الإنسان يمكن أن يوقف عملية الانتواع.
المصدر: 1
رابط الدراسة: Nature