نظرية الأوتار.. نظرية كل شيء – الجزء 1
——————————————-
باستعمال معادلات إينشتاين فتفسير الإنفجار العظيم و الثقوب السوداء يبقى بعيد المنال، نحتاج إلى نظرية أعلى، ولهذا جاءت نظرية الأوتار، لتأخذنا إلى ما قبل الإنفجار العظيم، حيث تقول النظرية بأن هناك أكوانا متعددة، متوازية -Multiverses-.
بداية من أين أتى الإنفجار العظيم؟
نموذج إينشتاين يمكن تصويره كالتالي: نحن في هذا الكون، كمجموعة من الحشرات الملتصقة بفقاعة صابون، وهاته الفقاعة في توسع، ونحن عالقون كما تعلق الحشرات في ورق الذباب، فلا يمكننا التحرر من الفقاعة، وهذا باختصار هو “الانفجار العظيم”
نظرية الأوتار تقول أنه يجب أن توجد فقاعات أخرى -أكوان أخرى- وحين التقاء فقاعتين -أي تصادم كونـين-.. يتشكل كون آخر، وعند انشطار كون، يتشكل كونان، وهذا هو تفسير الإنفجار العظيم في نظرية الأوتار، فهو يحدث إما بتصادم الأكوان، أو بانشطارها.
(تعدد الأكوان – تعدد الفقاعات)
(الإنفجار العظيم يحدث كلما التحم كونان أو انشطر كون)
إذا كانت هناك أبعاد أخرى وأكوان أخرى فهل في الإمكان الانتقال بين هاته الأكوان؟
بالتأكيد سيكون ذلك صعبا جدا، ومع ذلك قصة “أليس” في بلاد العجائب تعطينا الأمل في أن ننشئ في يوم من الأيام “ثقبا دوديا ” للتنقل بين الأكوان
هذه صورة لثقب دودي:
خذ ورقة بيضاء، وارسم عليها نقطتين، أقرب مسافة بين هاتين النقطتين هو خط مستقيم، لكن إن أمكنني طي الورقة فسأتمكن من إنشاء طريق مختصر عبر الزمان و المكان -الزمكان- ، و هذا حل أصيل لمعادلات إينشتاين ، و يمكن أن تُرى بسهولة في معادلات نظرية الأوتار.
ويبقى السؤال هو: هل فعلا يمكننا الإنتقال عبر الثقوب الدودية ؟
لا إجابة على هذا السؤال، في الواقع هناك مناظرات بين الفيزيائيين عن الإمكانية الفيزيائية لمرور جسم عبر ثقب دودي، لأنه إن أمكنك فعل ذلك، فيمكننك استعمال هاته الثقوب كآلة للسفر عبر الزمن، وبما أن نظرية الأوتار هي نظرية كل شيء، فهي أيضا نظرية للزمن.
آلات السفر عبر الزمن مسموح بها نظريا في معادلات إينشتاين، لكن صنع واحدة هو في غاية الصعوبة، وتحتاج إلى طاقة أقوى من مجرد التحام الدلوريوم و البلوتونيوم -وهي الطاقة المستعملة في صنع آلة للزمن في فيلم “العودة إلى المستقبل” –
لماذا البحث عن أكوان أخرى ؟
في المستقبل البعيد، بعد ثريليونات السنين، يتوقع العلماء أن الكون سيتجمد، وكل النجوم ستتلاشى، سيصبح في غاية البرودة، وكل أشكال الحياة في هذا الكون ستفنى. لكن يبقى حل واحد لتفادي الهلاك مع فناء الكون ألا وهو “مغادرة هذا الكون” -بدأنا نخوض في الخيال العلمي الآن- لكن هذه المرة نملك معادلات نظرية الأوتار التي تسمح لنا بحساب إمكانيات الانتقال عبر الثقب الدودي إلى كون أدفأ حيث يمكننا أن نستكمل الحياة مرة أخرى
خلال العقد الماضي اكتشف العلماء مصدرا جديدا للطاقة، مصدرا أضخم من المجرة في حد ذاتها، وهي الطاقة المظلمة، التي تشكل 73 بالمئة من الكون ، وهي المسؤولة عن تباعد المجرات وهي طاقة الإنفجار العظيم في حد ذاته، فقد يسألك سائل ما الذي جعل الإنفجار العظيم “ينفجر”، والجواب هو “الطاقة المظلمة”.
أما المادة المظلمة فهي تشكل 23 بالمئة من الكون وهي المسئولة عن التحام المجرة وجعلها كلّا واحداً، وهي مادة خفية لا يمكنك إمساكها بيدك.
النجوم المكونة من الهيدروجين و الهيليوم تشكل 4 بالمئة من الكون.
وماذا عنا نحن؟ ككائنات مكونة من عناصر أكثرتعقيداً مثل الأوكسجين و الكربون والنيتروجين والحديد و غيرها من العناصر العليا فنحن نشكل فقط 0.03 بالمئة من الكون ، بصيغة أخرى ، نحن هم الاستثناء في هذا الكون أي نحن الغرباء عنه.
لايزال أمامنا الكثير لإنهاء الحديث عن هاته النظرية الواعدة، موعدنا الأسبوع القادم للإجابة عن التسائلات التالية:
كيف تفسر نظرية الأوتار المادة المظلمة؟ وأين موضع هاته المادة في النموذج المعياري -Standard Model- ؟
وكيف يمكن إثبات نظرية الأوتار كنظرية لكل شيء؟
يتبع
إعداد: محمد بوراس
التدقيق اللغوي: عبد الصمد الصالح
© Big Think
© edobric
المصادر: