من المنطقي أن نفترض أن وجود خلل ما في المجال البصري (ما يسمى بالعتمة أي منطقة في المجال البصري ينخفض فيها مجال الرؤية أو ينعدم كليا محاطة بمنطقة عادية)، الناتج عن تلف في شبكية العين أو المسارات البصرية المركزية (التي تنقل الصورة إلى الدماغ)، من الواضح أن الشخص الذي يعاني من هذا الخلل يحس به خلال الرؤية. ولكن عندما يحدث هذا التلف في منطقة طرفية من المجال البصري غالبا ما يمر دون أن يكتشف. في الواقع، لدينا جميعا عتمة فسيولوجية لا نشعر بها تماما تسمى بالبقعة العمياء.
إعداد: شاكر المحراوي/ التدقيق اللغوي: علي توعدي
تعتبر البقعة العمياء فجوة كبيرة في كل من مجالنا البصري الأحادي، الموجودة في موقع القرص البصري (المنطقة في الشبكية التي يغادر فيها العصب البصري العين). في هذه المنطقة لا توجد خلايا مستقبلة للضوء ، وبالتالي فإنه ليس بإمكاننا رؤية الصور التي تقع على هذه المنطقة من شبكية العين.
لتوضيح هذا الأمر وإثباته، سوف نقوم بتجربة صغيرة: حافظ على مسافة تقارب 30-40 سم بينك وبين الشاشة وانظر إلى هذه الصورة:
أغلق عينك اليمنى، وبعينك اليسرى حاول التركيز على علامة “+” . ستلاحظ* كيف تختفي الدائرة السوداء كما لو تعلق الأمر بخدعة سحرية، وتظهر مجددا إذا نظرت إليها. في الحقيقة، تختفي الدائرة السوداء لأنها تقع على البقعة العمياء من شبكية العين، وبالتالي فإننا لا نراها.
*ملاحظة: إن لم تختف الدائرة فيجب عليك الإقتراب أو الابتعاد عن الشاشة.
كيف لنا أن نغفل عن هذه البقعة و لا ندركها خلال عملية الرؤية؟
الجواب سهل: عندما نتحدث عن الرؤية بالعينين الاثنتين، فببساطة الصورة التي تقع على البقعة العمياء في العين اليسرى مثلا، نراها من زاوية أخرى بالعين اليمنى، ما يمكننا من رؤيتها وعدم خفائها. ولكن هذا لا يفسر لماذا لا نرى هذه البقعة عندما نغلق إحدى العينين. في هذه الحالة، يبدو أن نظامنا البصري يقوم بملء الجزء المفقود من المشهد البصري استنادا إلى المعلومات التي تقدمها المناطق المحيطة بالقرص البصري. لملاحظة هذا الأمر، انظر إلى الصورة مجددا وسترى كيف أن النقطة السوداء المختفية تبدو بيضاء لأن خلفية الصورة بيضاء، ولو كانت الخلفية صفراء لبدت لنا النقطة صفراء كذلك.
المراجع:
1. Neurociencia, D. Purves y otros. Cap. 11. p. 286. Ed. Panamericana, 3ª ed. 2008.
2. Principios de neurociencia, Kandel y otros. Cap. 27. p. 525. Ed. McGraw-Hill, 4ª ed.