بالإعتماد على زجاج الأقراص المدمجة، توصل العلماء إلى صنع مادة قادرة على نقل وتحليل البيانات بصريا، مما يفتح المجال لصنع حواسيب قادرة على معالجة المعلومات بسرعة الضوء.
إعداد: أسامة الحمزاوي/ التدقيق اللغوي: رشيد لعناني
yellowcloud/flickr
توصل بعض العلماء، لأول مرة في التاريخ لصناعة مادة تتيح للحواسيب نقل وتخزين البيانات عبر الضوء عوض الكهرباء، فيما يعتبر خطوة كبرى في طريق الوصول إلى أجهزة قادرة على تحليل المعلومات والتعامل معها بسرعة الضوء.
تعتمد الحواسيب حاليا على الإلكترونات لمعالجة البيانات حيث تنتقل هذه الأخيرة بين المعالج الإلكتروني وأجهزة الذاكرة عبر أسلاك نانوية الحجم. ورغم أننا قد نعتبر هذه التقنية مجهرية وجد صغيرة، إلا أنها لازالت أكبر بكثير مما نحتاج إليه، لأننا وصلنا إلى النقطة القصوى من قانون مور ولا نستطيع تقليص حجم المكونات الإلكترونية أكثر، أي أننا لن نتمكن من صنع حواسيب أسرع مما لدينا الآن بالاعتماد على نفس التقنيات.
ويشتغل العلماء حاليا على الجيل القادم من الحواسيب، والذي يعتمد على جسيمات الضوء، المسماة فوتونات عوض الإلكترونات. تستعمل هذه التقنية حاليا في شبكات توزيع الأنترنت، ويرجع تأخر دخولها لعالم الحواسيب إلى عجز العلماء، قبل الآن، عن صنع مادة قادرة على التعامل مع بيانات بصرية داخل الحاسوب. وفي هذا الصدد يؤكد ريتشارد كَري (Richard Curry) أن “التحدي الكبير الذي واجهنا كان إيجاد مادة قادرة على استعمال الضوء والسيطرة عليه بشكل فعال للتعامل مع بيانات الحاسوب. مثلما تستعمل الأنترنت الضوء لإيصال المعلومات، نود استغلال الضوء لإيصال المعلومات وتحليلها”. ووجد فريق كري طريقة لتحويل نوع من الزجاج يسمى الكالكوجينيد (Chalcogenides) لاستعماله في الأنظمة الحالية، ويستعمل هذا الزجاج في الأجهزة البصرية مثل الأقراص المدمجة.
ويتميز زجاج الكالكوجينيد بقدرته على نقل الضوء لعرض نطاق واسع، ولكنه ينقل الشحن الموجبة فقط، فيما يعرف بالموصلية الموجبة، مما يجعل استعمالها في الحواسيب مستحيلا. يقول كري أن “حل هذا المشكل استعصى على الباحثين لمدة طويلة ولكننا توصلنا الآن إلى طريقة لاستعمال زجاج واسع الإتشار لنقل الإلكترونات السالبة مثلما ينقل الشحن الموجبة، وسيمكننا ذلك من صنع أجهزة ذات وصلات س/م (سالبة/موجبة)”.
وتشير الوصلات س/م إلى تعايش الموصلية السالبة والموجبة معا، وسيساعد ذلك العلماء على الوصول إلى مواد تسرع من قدرة الحواسيب.
وتوصل فريق البحث إلى هذه القدرات الرائعة لزجاج الكالكوجينيد عبر تحفيز الزجاج بأيون من البزموث (Bismuth)، في عملية لا تحتاج إلى حرارة عالية أو عدد هائل من مواد التحفيز. ويفصل كري في ورقة البحث التي نشرت بموقع نايتشر كوم (Nature Communication) استعمال الزجاج الجديد الذي يمكنه “إصدار الضوء وتوصيله ونقله واستشعاره، أي أننا حصلنا على مادة قادرة على نقل وتحليل المعلومات بصريا. وسيساعد ذلك حواسيب الغد على التعامل مع البيانات بسرعة أكبر بكثير”.
والأهم من ذلك أن فريق العمل يؤكد أن هذه التقنية ستحظى بها حواسيبنا خلال العشر سنوات القادمة.
المصادر: motherboard ـ University of Surrey