مالذي يحدث في مصادم الهدرونات الكبير Large Hadron Collider بسويسرا؟ ما الذي ستكشف عنه الأيام القادمة بخصوص واحدة من نظريات الفيزياء الأكثر جدلا ؟ فإلى عهد قريب، كان من المستبعد جدا الحديث عن التحقق التجريبي لهذه النظرية. إلا أن استنتجات فريق من العلماء المصريين بقيادة الدكتور أحمد على فرج أكدت عكس ذلك. وستكون نظرية العوالم المتوازية على محك التجربة في مسرع الهادرونات الكبير بسويسرا في القادم من الأيام. نُشرت هذه الاستنتاجات في الدورية العلمية Physics Letters B في 03 من شهر مارس لهذه السنة.
الأمور شبه هادئة لحد الان، فبعد ان تم إيقاف المصادم عن العمل منذ سنتين تقريبا بهدف إجراء بعض الإصلاحات و التعديلات، هاهو المصادم يعود إلى الاشتغال و إلى القمة كما اعتاد دوما. فبعد التأكد التجريبي من وجود بوزون هيجر، جسيم الإله، بعد قرابة 60 سنة من التنبؤ النظري بوجوده من طرف العالم البريطاني بيتر هيجز، هاهو الترقب يخيم على أكبر مختبر في العالم. فالعلماء بجنيف سيحاولون التحقق من نظرية الأكوان المتوازية. هذه النظرية التي شغلت العديد من كبار علماء الفيزياء في القرن العشرين. التحقق التجريبي سيكون اعتمادا على استنتاجات العالم المصري أحمد فرج و زملائه مير فيزال و محمد خليل، هذه الاستنتاجات و التي نشرت مؤخرا في ورقة بحثية في دورية Physics Letters B، أن الكشف عن المادة السوداء في التجربة القادمة سيدل على نظرية الأكوان المتوازية.
ربما ستحسم التجربة قريبا في نظرية الأكوان المتوازية عن طريق الكشف عن تواجد ثقوب سوداء مصغرة عند مستوى طاقي معين. ومن المعلوم أن العديد من المحاولات تمت سابقا للكشف عن ثقوب سوداء صغيرة، الشيء الذي لم يعط أية نتائج تذكر بخصوص دعم نظرية الأكوان المتوازية، نظرا لإشكال الطاقة اللازم توفرها لإنتاج الثقوب السوداء. وتمثل هذه بالضبط، الإضافة التي قدمها فريق العلماء المصريين و الذين قدموا تفسيرا لغياب تشكل الثقوب السوداء في مسرع الهردونات الكبير. حيث أشاروا إلى أن التجارب السابقة و التي أجريب في المسرع لم تأخد بعين الإعتبار عامل تشوه بلانك للجاذبية الكمية Planckian Deformation of Quantum Gravity. فالنموذج المستعمل إذن من طرف علماء المسرع لم يكن دقيقا، وقد تم حساب الطاقة التي من المتوقع أن تؤدي إلى الكشف عن هذه الثقوب السوداء المصغرة باعتماد نموذج “قوس قزح الجاذبية Rainbow Gravity”. إذا لم يتم الكشف عن الثقوب السوداء في التجربة القادمة في مصادم الهدرونات، فنحن فسنكون أمام خيار التخلي نهائيا عن فكرة وجود الأبعاد الإضافية، أو على الأقل وجود أبعاد إضافية أصغر مما توقعته النظريات. أو ربما سنكون بحاجة إلى إحداث تعديلات على معلوماتنا عن الجاذبية.
للإشارة فمصادم الهدرونات الكبير هو أكبر مختبر علمي على الأرض، يوجد على الحدود بين سويسرا و فرنسا تحت عمق 100 متر تحت الأرض لإبعاده عن تأتير محتمل للأشعة الكونية. ويعمل المصادم على إرسال جسيمات، بسرعة تقارب سرعة الضوء و باستعمال طاقة تقارب التيرالكترون فولط، في منحيين متعاكسين عبر مسار دائري قطره 27 كيلومتر، و يتم الأعتماد على مجال مغناطيسي قوي جدا يوجد على طول هذا المصادم لجعل الجسيمات تحافظ على مسارها داخل الأنبوب. بعد تصادم الجسيمات يتم استعمال لواقط للكشف عن الجسيمات الناتجة عن هذا الاصطدام (الكترونات، مضاد الاكترونات، بروتونات، كواركات….)
المصدر : الدراسة العلمية على مجلة Physics Letters B