مرض الصرع Epilepsy
الصرع من أقدم الاضطرابات الدماغية التي عرفتها البشرية، وقد ساهمت الأعراض والتصرفات الغريبة التي قد تصاحبه في ظهور العديد من الخرافات والأساطير على مر العصور، حيث كان الاعتقاد سائدا لدى الناس أن مرضى الصرع تحل بهم الشياطين أو الآلهة.
ما هو الصرع ؟
مرض الصرعَ (Epilepsy) هو اضطراب في الدماغ يسبب نوبات متكررة للمصابين، وتحدث النوبة نتيجة تفريغ تلقائي للخلايا العصبية التي تكون في حالة تهيج مفرط، مما ينتج عنه حركات و تصرفات خارجة عن إرادة المصاب. و تتباين أعراض النوبة فقد تقتصر لدى بعض الأشخاص على التحديق في الفراغ أو ظهور أحاسيس غريبة، وفي حالات أخرى تؤدي إلى تشنجات عضلية عنيفة أو فقدان للوعي.
ظهور نوبة صرع لمرة واحدة لا يشكل مؤشرا على الإصابة بالمرض. لابد من نوبتين على الأقل لتشخيص هذا المرض.
الصرع ليس مرضا معديا والإصابة به لا تعني الجنون أو التخلف العقلي، كما أن معدل الذكاء عند العديد من المرضى عاد أو فوق المتوسط. و من بين الشخصيات التاريخية المشهورة التي عرفت بإصابتها بالصرع سقراط، نابليون وألفرد نوبل.
أعراض الصرع :
نظرا لكون مرض الصرع ناتجا عن خلل في نشاط خلايا الدماغ، فإن نوباته قد تؤثر على أي عمل يقوم به الجسم ويتم تنسيقه بواسطة الدماغ. لذا قد تتسبب النوبة الصرعية في أعراض مثل : تشوش مؤقت، فقدان تام للوعي، تحديق في الفراغ أو حركات رعاشية غير إرادية على مستوى اليدين والرجلين.
تصنف نوبات الصرع الى نوبات جزئية ونوبات عامة .
- النوبة الجزئية: تظهر هذه النوبة نتيجة وجود نشاط غير طبيعي للخلايا العصبية في جزء معين من الدماغ. وهي صنفان:
1- نوبة جزئية بسيطة: (simple focal seizure) هذه النوبة لا تسبب فقدانا للوعي، إنما قد تسبب تغيرا في الأحاسيس أو تغيرا في شكل ورائحة ومذاق وأصوات أشياء مألوفة.
2- نوبة جزئية معقدة / مركبة (Complex focal seizures): هذا النوع من نوبات الصرع يسبب تغيرا في الحالة الادراكية، ثم فقدان الوعي لمدة زمنية معينة، كما يسبب حركات بالفم: مضغ وبلع وحركات أخرى مثل فرك اليدين وتحديق في الفضاء بدون هدف محدد .
- النوبة العامة: تشمل جميع أجزاء الدماغ و نذكر من أنواعها:
1- نوبة غيبوبة( Absence seizure) تسمى أيضا نوبة صرعية خفيفة، تتميز هذه النوبة بالتحديق في الفضاء مع فقدان مؤقت للوعي.
2- نوبة رمعية عضلية (Myoclonic seizure): تظهر هذه النوبة بصورة حركات حادة في اليدين والرجلين.
3- نوبة توترية ارتجاجية شاملة(tonic-clonic seizure) هو النوع الاكثر حدة من النوبات، تتميز بفقدان الوعي، تصلب الجسم ،اهتزازه وارتعاشه، وأحيانا عض اللسان أو فقدان السيطرة على المثانة.
أسباب الإصابة بالصرع:
إن نصف حالات الصرع لا يعرف لها سبب معلوم، أما النصف الآخر فيمكن أن يعزى للأسباب الآتية:
– عامل الوراثة.
– إصابات في الرأس.
– السكتة الدماغية وأورام المخ.
– أمراض تعفنية تصيب الدماغ: التهاب السحايا، التهاب الدماغ الفيروسي، الإيدز.
– إصابات قبل الولادة: نقص في التغذية أو الأكسجين. وجود تعفن لدى الأم قد يسبب تلفا في دماغ الجنين.
– اضطرابات النمو.
تشخيص الصرع:
لتشخيص الصرع، يأخذ الطبيب معلومات مفصلة عن أعراض النوبة وقد يطلب عدة اختبارات لتشخيصه وتحديد سبب النوبات:
– فحص سريري للجهاز العصبي.
– تحاليل الدم.
– التخطيط الكهربائي للدماغ: « Electroencephalogram » EEG: يعد الاختبار الأكثر استعمالا لتشخيص الصرع و يعمل على رصد النشاط الكهربائي للدماغ بواسطة المجسات المثبتة على الجمجمة و التي تظهر تغيرا في موجات الدماغ في حالة الإصابة بالصرع.
– تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي، تصوير طبقي محوري، تصوير مقطعي بالإصدار البوزيتروني. وهذه الأنواع من التصوير تسمح للطبيب بمعرفة إن كان الدماغ مصاباً بأورام أو تكيس يمكن أن تكون سبباً لحدوث النوبات.
علاج الصرع:
يبدأ علاج الصرع باستعمال الأدوية، وفي حالة عدم الاستجابة يلجأ الطبيب إلى الجراحة أو طرق علاجية أخرى:
- العلاج بالأدوية:
في معظم الحالات، يمكَن العلاج الدوائي من السيطرة على النوبات.
أكثر من نصف الأطفال الذين تناولوا عقاقير لعلاج الصرع قد استطاعوا في نهاية المطاف التوقف عن تناولها، ليعيشوا حياة طبيعية بدون نوبات. عدد كبير من البالغين أيضا بإمكانهم التوقف عن تناول الأدوية بعد مرور سنتين أو أكثرو بدون نوبات.
علاج الصرع باستعمال الدواء والجرعة المناسبين قد يكون مهمة معقدة. من المرجح أن يوصي الطبيب المعالج بدواء واحد بجرعة قليلة نسبيا، ثم يزيد الجرعة بصورة تدريجية حتى يصبح بالإمكان التحكم جيدا في النوبات.
- العلاج بالجراحة:
غالبا ما يتم العلاج بالجراحة حينما تظهر الفحوصات أن مصدر النوبات يتركز في منطقة صغيرة ومحددة من الدماغ لا تتحكم في الوظائف الحيوية مثل : الكلام، الحركة، الرؤية والسمع .
- العلاجات الأخرى:
– العلاج بالتنبيه الكهربائي للعصب المبهم: Vagal nerve stimulation
– حمية غنية بالدهون وخالية من الكربوهيدرات: Ketogenic Diet
كيف يتوجب التعامل مع نوبة الصرع؟
ينبغي على من يشاهد شخصا يتعرض لنوبة صرع أن يحميه من الأذى حتى يستعيد وعيه، وفيما يلي بعض النصائح التي يمكن اتباعها:
– الالتزام بالهدوء وضبط الأعصاب
– عدم محاولة إيقاف تحركاته أو نقله إلى مكان آخر
– إزالة أي شيء حاد أو صلب من محيط المريض قد يتسبب له بالأذى.
– تسهيل تنفسه بفك أي شيء ضيق حول عنقه.
– وضع شيء لين تحت رأسه.
– تجنب وضع أي شيء في فم المرض حتى الدواء أو الماء، لأن ذلك قد يسبب له اختناقا.
– البقاء مع المريض إلى غاية انتهاء النوبة واسترجاع وعيه.
– وضع المريض على جنبه الأيسر بعد انتهاء النوبة للحيلولة دون بلعه للقيء أو لأي سائل.
معظم نوبات الصرع لا تهدد الحياة ولا تحتاج استدعاء الطبيب أو سيارة الإسعاف، لكن إذا ما دامت النوبة أكثر من خمس دقائق، أو في حالة المرأة الحامل أو إذا لم يسترجع المريض وعيه أو تنفسه بعد انتهاء النوبة يجب حينها طلب الاسعاف.
المصدر:
http://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/epilepsy/basics/symptoms/con-20033721
http://www.medicinenet.com/seizure/article.htm#introduction
الصورة:
http://www.webmd.com/epilepsy/ss/slideshow-epilepsy-overview