لا شك أن موضوع ٱنتقال المعرفة الإسلامية إلى الغرب يحمل في طياته الكثير من التفاصيل و الأحداث التي ستحتاج لعدة مؤلفات لسرد كل تفاصيلها. فبعد أن حاولنا في المقالات السابقة التطرق عن الطرق التي نهجها الغرب للإستفادة من ما وصل إليه العلماء المسلمون في زمانهم، و كيف ٱضطر للإستعانة بعلماء مسلمين و غيرهم، إضافة إلى ترجمتهم مؤلفاتهم للإطلاع على ما وصلت إليه دراساتهم و تجاربهم في ميادين ستى، سنتطرق في هذا المقال و في المقالات الآتية بحول الله لمظاهر هذا الإنتقال، محاولين إعطاء أمثلة تشمل مجالات شتى.
ففي الفيزياء مثلا، لم تصل أعمال المسلمين إلى أوروبا قبل العصر الحديث، لتشمل بذلك جميع أعمال البيروني في المواضيع المتصلة بالمجال، ثم ترجمة كتاب “ميزان الحكمة” لصاحبه الخوارزمي، إضافة إلى ما تحدثت عنه مصادر تشير إلى أن ٱنتقال معضم المعارف الخاصة بالميكانيكا و الهيدروليكا للعلماء الهلينستيين ك أرشميدس إلى أوروبا تمت بالإستعانة بالنسخ العربية التي سبق أن ترجمها المسلمون من ذي قبل.
و لكن ما لا يدع مجال للشك هو أن من أهم الأعمال في مجال الفيزياء التي وصلت إلى الغرب في العصور الوسطى كان كتاب “المناظر” لصاحبه ٱبن الهيثم الذي ٱهتم كثيرا بعلم البصريات، حيث طرح نظريات كان لها الأثر العضيم في الحضارتين الإسلامية و الغربية على حد سواء. تمت ترجمته هذا الكتاب للاثنية و نشر في بازل سنة 1573 ميلادية.
أما في مجال الكيمياء، أو ما يسمى قديما بالخيمياء، فقد كان الفضل للمسلمين للإنتقال هذا العلم للغرب، ففي سنة 1144م، أكمل في ٱسبانيا روبرت الكيتوني أول ترجمة لعمل خيميائي الى اللاثنية، لتترجم بعد ذلك أعمال الرازي و جابر ٱبن حيان و آخرون، هذا الموضوع الذي تطرقنا إليه بشكل مستفيض في سلسلتنا السابقة عن “تاريخ الكيمياء”.
المرجع:
Science and Engineering in the Arab-Islamic civilization, written by Donald R. Hill, world of knowledge .305 in July 2004