تمر النجوم بمراحل عمرية كالإنسان، فهي تولد، وتعيش، ثم تموت. نفس الشيء ينطبق على الشمس، النجم الذي يضيء كوكبنا الأرض. وبطبيعة الحال إذا نفقت الشمس فالأرض ستنفق معها. لا شك أنها القصة التي لا يتمنى أحد سماعها الآن، لكن لماذا القلق ويفصلنا عن هذا الحدث على الأقل 7 أو 8 مليارات السنين، حينها لن يبقى من البشر إلا 40 ألفا فقط تقريبا.
لمعرفة ما سيحصل للأرض عند “احتضار الشمس”، وجب أولا أن نستوعب جيدا مراحل حياتها: يبدأ النجم حياته على شكل سحابة سديمية مكونة خاصة من الهيدروجين بالإضافة إلى الهيليوم وغازات أخرى. تبدأ هذه السحابة بالانكماش على نفسها بفعل كتلتها، ما ينتج عنه ارتفاع ضغط الغازات وارتفاع درجة الحرارة مشكلة بذلك كرة غازية عالية الكثافة والحرارة فتبدأ عملية الاندماج النووي التي يتحول من خلالها الهيدروجين إلى هيليوم. ينتج عن هذا التفاعل طاقة عالية (على شكل حرارة وضوء) مولدة بذلك ضغطا داخليا في باطن النجم الذي يوقف انكماش السحابة ويحافظ على توازنها على هيئة كرة غازية، بحيث تتساوى قوى الضغط الداخلي وقوى الجاذبية. يطلق على النجم في هذه المرحلة اسم النجم الأولي.
تحتوي الشمس على ما يكفي من الهيدروجين لاستمرار عملية الاندماج النووي لملايير السنيين، لكن في نهاية المطاف لا بد وأن يتحول كامل الهيدروجين إلى هيليوم، لتبدأ عندها الشمس بالانكماش مجددا بفعل كتلتها فيزداد الضغط والحرارة لكن هذه المرة ليس بشكل كاف لدمج ذرات الهيليوم. بالمقابل، يستمر اندماج الهيدروجين المتبقي على سطح اللب (المكون من الهيليوم) مولدا بذلك طاقة ضئيلة تمكن الشمس من الاستمرار في الإضاءة. بعد أن تنفد جميع ذرات الهيدروجين في اللب، ستتوقف الشمس عن توليد الطاقة عبر الاندماج النووي، يدخل النجم حينها مرحلة جديدة من حياته فيبدأ لبه بالتقلص، ويتمدد غلافه الجوي المكون معظمه من الهيدروجين ليصبح عملاقا أحمر.
في دراسة أجراها عام 2008 الفلكيان كلاوس بيتر شرودر وروبرت كانون سميث، استنتجا أن حجم الشمس سيزداد بشكل كبير لدرجة أن طبقتها الخارجية ستصل إلى حوالي 170 مليون كلم أبعد، ملتهمة بذلك كوكبي عطارد، والزهرة، والأرض خلال مرحلة تحول الشمس لعملاق أحمر التي ستستغرق حوالي 5 مليون سنة.
وعلما أن ضوء الشمس سيزداد بنسبة 10% كل مليار سنة خلال هذه المرحلة من التحول فإن المنطقة الصالحة للحياة التي تتموقع حاليا ما بين 0.95 و1.37 وحدة فلكية عن الشمس (الوحدة الفلكية تعادل 150 مليون كيلومتر) ستبدأ بالابتعاد للخارج. سيؤدي ذلك إلى تبخر مياه الأرض، وتحولها إلى هيدروجين وأكسجين، وارتفاع نسبة الأزوت وثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ليصبح مشابها لكوكب الزهرة كما هو الآن. حينها سيكون المريخ داخل المنطقة صالحة للحياة لفترة مؤقتة. وستستمر المنطقة الصالحة للحياة في الابتعاد إلى أن تصل إلى حدود 49 و70 وحدة فلكية لما سينتهي تحول الشمس إلى عملاق. وقتها سيكون كوكب بلوتو صالحا للحياة.
كمرحلة أخيرة من حياة الشمس، ستبدأ بالانكماش مجددا وستبدأ عملية الاندماج النووي للهيليوم ليتحول إلى كربون وأكسجين. عند نفاد الهليوم ستختفي الطاقة التي كانت تقاوم انكماش النجم تحت كتلته، فيؤدي ذلك إلى تحول لبه إلى ما يسمى بالقزم الأبيض وهو المركز المتبقّي من النجم بعد أن انفصل غلافه الجوي عنه. سيؤدّي انفصال الغلاف الجوي إلى تكوّن سديم كوكبي وهو عبارةٌ عن غيمةٍ من غاز الهيدروجين، والغبار، والبلازما.
المصدر: لايف ساينس